(وقت القراءة: 1 دقيقة)

اكثر ما يثير الفضول في قمة قمة عمان الاعتيادية 2001 هو انخفاض مستوى 
التمثيل (14 رئيسا من اصل 22) فيما حل وزراء الخارجية او نواب الرؤساء او 
غيرهم محل رؤساء دولهم .
في ظل حـل الخلاف الحدودي القطري- البحريني ، و القطري- السعودي، و بين 
محاولات لاعادة تأهيل صدام حسين في النظام العربي ،بالاضافة إلى محاولات 
دولية لتأهيل رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون في المنطقة ، مرورا بقبول 
وزير الخارجية المصري عمرو موسى خلفا لمواطنه عصمت عبد المجيد ، و حضور 
العقيد معمر القذافي -بتعليقاتة المثيرة للجدل- اقول حضوره القمة التي تمنع 
عن حضور سابقتها ،و مصالحة سورية-فلسطينية، و مصافحة و قُبلات 
عراقية-سعودية،و وعد من العراق بمليار يورو للانتفاضة و 7 ملايين متطوع في 
الوية تمتد من العراق حتى القدس لتحرر فلسطين حتى حدودها التاريخية لعام 1984 
"من البحر إلى النهر" ،و حضور الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان كمراقب، 
و انتهاءا بالخطاب التوافقي التصالحي للرئيس السوري بشار الأسد الذي طالب فيه 
بحدود1976 واصفا اسرائيل ب"اسوأ من النازية " . بين كل هذا الخضم اكتسبت 
القمة العربية الثالثة عشرة نكهتها الخاصة التى قد تنقل العديد من الملفات 
الى قمة بيروت 2002 دون حل قاطع لها .
المصافحات التصالحية بين الرئيسين السوري و الفلسطيني انهت عقدا من الجفاء و 
ابرزت مسالة "وحدة المسارات " إلى السطح مرة اخرى. من بين اولويات سوريا الا 
يتفاوض العرب فرادى فيتسلل احدهم إلى اوسلو ليضعضع الموقف العربي قاطبا. كلمة 
الاسد كانت تصالحية إلى ابعد حد ، تلاها لقاء الاسد-عرفات مدة 45 دقيقة و تم 
تقرير موعد في منتصف ابريل -نيسان لزيارة عرفات لدمشق مما يعني رفعه من 
القائمة السوداء و فتح صفحة جديدة قد تثير قلق الإسرائيليين اذا ما تم تقارب 
Rapprochement بدرجة واسعة تقود عرفات إلى تصليب موقفه او تزيد الموقف السوري شراسة.
التصالح الثاني لم يقتصر على التصافح ، بل اتسم بالعناق و القبلات ، حيث امطر 
عزت ابراهيم الامير سلطان بن عبد العزيز بالقبل ، البعض يرى ان ذلك ليس وليد 
الصدفة خاصة مع تخفيف اللهجتين العراقية و الكويتية في خطابيهما ، و تساهل 
السعودية و الكويت مع الموضوع -او الحالة - فكانوا ملكيين اكثر من الملك، 
مجلس الامة الكويتي بدوره مستاء من التساهل و محاولة الكويت الا تظهر بمظهر 
ال Villain او الشخص الشرير المتسبب في الحصار و الالم .
التمنع و المعارضة جاءت من الجانب العراقي ،رغم قبلات عزة ابراهيم رئيس الوفد 
العراقي .لكن يبدو ان العراقيين انفسهم منقسمون : محمد سعيدالصحاف يتهم 
الكويت بافشال القمة و يؤكد "الَنفَس" الكويتي- السعودي في البيان المتعلق 
بالعراق ، بينما ينحو عزة ابراهيم -الرجل الثاني في العراق- منحي تام 
الاختلاف.
ما يأخذ على القمة ، انه و رغم قمة التساهل امام العراق ، فلم يكن الرد سوى 
ان الكويت افشلت القمة . الملك عبد الله الثاني الذي ادهش الحاضرين بالقاء 
كلمته عن ظهر قلب و بلا اخطاء ، كلف برئاسة لجنة لمتابعة ملف "الحالة" التى 
يأمل الا يكون دورها مثل دور "لجنة حل النزاعات " في مجلس التعاون الخليجي 
التى وقفت عاجزة تنتظر حكم "لاهاي " .
لكن اتساءل كما يتساءل الاستاذ سمير عطا الله في "الشرق الاوسط" لماذا هذا 
العنوان؟ الحالة العراقية الكويتية ؟يقول الاستاذ عطا الله : (( انه ضرب آخر 
من فنون الديبلوماسية ومهارتها. فاذا سمي الخلاف العراقي ـ الكويتي خلافاً 
ضعفت امكانية الاتفاق. واذا سمي نزاعاً كبر الشق. واذا سمي «القضية» فماذا 
تسمى القضية الفلسطينية او القضية العربية. واذا سمي المسألة اوحينا بأنه بلا 
حل. لذلك وصل الى القمة تحت عنوان «الحالة»: كلمة تنبئ ولا تصف، تعرض ولا 
تحدد، وتفي من دون ان تثير))
امام "الفيتو" الأمريكي على ارسال قوات مراقبة إلى الاراضي المحتلة ، و 
الشكوى الفلسطينية بعدم وصول اموال المساعدات ،يوروهات كانت ام دولارات ، 
قدمت القمة امرا ايجابيا -ان لم ينضو تحت لواء الحبر على ورق-اتفاق القادة 
العرب على عقد اول قمة اقتصادية لهم في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في 
القاهرة.
الدعم الفلسطيني و منذ القمة الماضية (اكتوبر 2000) عانى الامرين ، فلا اموال 
الانتفاضة وصلت لتدعم الانتفاضة و لا لتخفف من حدة "خطة المائة يوم الشارونية 
" التي ارسلها كعربون عرفان لبرقية عرفات لتهنئه بالفوز برئاسة الوزراء ،و لا 
لتنقذ الارضي الزراعية التي امطرها الاسرائيليون بالمياه العادمة ، و قبل ذلك 
اغتيال اشجار الزيتون ، و الاطفال و طابور من الشهداء ، الكثير من الدماء و 
الكثير الكثير الكثير من الكلام . الاسد يطالب بحدود 1967 و العراق بحدود 
1984 اما عرفات فقانع ب ال 90% من غزة وال 40% من الضفة التي لا تشكل مجتمعة 
سوى 20% من المساحة التاريخية لفلسطين، مفسحا المجال لغيره ليكونوا "ملكيين 
اكثر من الملك " 
قمة عمان واجهت اسرائيل -كالعادة-بسياسة ردة الفعل ، تكلمت كثيرا -كالعادة 
ايضا-، وعدت الفلسطينيين بالدعم المالي و لما يصلهم دعم سابقتها-وعود عربية 
"عرقوبية" كالعادة- ،و شكلت لجنة لحل "الحالة" بين الكويت و العراق ، يؤمل 
الا تفشل -كالعادة مجددا. انها قمة كرست العادات العربية غير المستحبة و نقلت 
كل الطباع السلبية في العقلية العربية : الكلام من دون فعل ، و الوعود من دون 
تطبيق ، لا مبادرات بل ردود افعال ، هيمنة دولة واحدة على المقر و الامين 
العام معا ،و عدم احترام للصحافيين حسب شكوى "صحافيين بلا حدود" . الا تستحق 
القمة العربية ان تدعى ب " قمة العادات السيئة" ؟

 

نشر في جريدة القبس ، العدد 9984 ، بتاريخ 06-04-2001

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

الصورة البانورامية لانتخابات "الجمهورية الثانية" في لبنان ما بعد تحرير 
جنوبه الذي ارهقه مسيره، تحكي و ترسم الكثير من المعطيات التي -عند عقلنتها - 
لا تخبر عن ان لبنان يطالع تغيرا في ميزان القوى و الخطاب السياسي و حسب، بل 
ان لبنان رغم ما الم ّ به و آلمه كان ,كائن و سيكون .
غلف الانتخابات هاجس التيئيس و الاحباط حتى قبل ان تبدأ ; قانون انتخاب 
استنسابـي يعتمد على دوائر كبيرة الحجم نسبيا و معطيات طائفية لطالما حضرت في 
انتخابات سابقة الا ان كثافة الاقتراع و قلة الخروقات في معظم اللوائح قللت 
من وطأة الامر.
من المعطيات الملفتة العدد الضئيل للمقاعد النسائية . فرغم ان المرأة 
اللبنانية حضرت تصويتا، وترشيحا بصورة اكثر خجلا، و كعضوة في "الماكينات 
الانتخابية " ، الا ان الندوة البرلمانية ستظل "بيترياركية " ذكورية و لن ترى 
سوى ثلاث نساء : نائلة معوض حرم الرئيس السابق رينية معوض ، بهية الحريري 
شقيقة الرئيس رفيق الحريري ، و غنوة جلول التى تفوقت على رئيس الوزراء سليم 
الحص و حلت اولى في دائرتها .فوز الشباب كان ايضا جاذبا ابتداءا ب اميل لحود 
الابن و انتهاءا ببيار امين الجميل , و رغم ان كليهما قدم من عائلات سياسية 
لكن ليس لكرسي الرئاسة بل لمقعد منتخب.
المعارك التكتيكية برزت باستعار في نظام " كوتا " انتخابي يعد الاكثر تعقيدا 
في العالم ، مما افضى الى معارك "تشطيب " بين الحلفاء و "لوائح ملغومة " بين 
الفرقاء .
في ظل التحالفات التى لم يشهد لبنان لها نظير ابقى الارمن على "غيتو" برج 
حمود كما ابقوا على انقسامهم بين "الطاشناق " و "الرانغافار " و "الهانشاك " 
مما اضعف دورهم بعكس الدروز الذين تعزز موقفهم عندما اجاد وليد جنبلاط - و 
بحذاقته المعهودة - صنع التحالفات فأزف هبوب رياح التغيير التي اظهرت في عين 
العاصفة كيف يصنع القرار اللبناني لا كيف يغيب و كيف تكون المحاسبة و 
المعاقبة .
خروج الحص -الذي ولدت حكومات لبنانية عدة على يده- و تمام سلام يحُـصر خيار 
رئاسة الجمهورية بين رفيق الحريري- المتمتع بكتلة نيابية داعمة- و بين نجيب 
ميقاتي ،في ظل دعاوى عن استعمال "المال السياسي " و نزاع مبطن عالى اللهجة 
احيانا بين الرئيس اميل لحود المحب للاضواء شانه شأن رفيق الحريري .بيد ان 
للندوة البرلمانية كلمة ،و قرار الرئيس لحود باختيار رئيس وزراء لن يكون 
استفراديا ،فلحود كما عهدناه احكم و اوعى ممن ان يفعل ذلك خاصة ان المادة 35 
من الدستور اللبناني تقول "يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلف بالتشاور 
مع رئيس مجلس النواب استنادا إلى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسميا على 
نتائجها".و يبدو ان رئاسة نبية بـرى - المناصر للحريري في التوتر القادم على 
ما يبدو- لمجلس النواب باتت محسومة . 

و بغض النظر عن رئاسة الوزراء فان ماهية تشكيل الحكومة القادمة على المحك . 
فهل ستكون تكنوقراطية فاعلة ملبية لرياح التغييرام انها ستلبى الحاجات 
الطائفية على حساب المصداقية والحاجة الملحة للجرأة ؟ .
و بين هذا و ذاك يظل زهاء ال 30الف جندى سوري في الاراضي اللبنانية ، كان 
مقدمهم متعلقا بالحرب الاهلية وصون السلم في المنطقة الذي يبدو اكثر استقرار 
مع تحرر الجنوب و تكرس الحريات و الديموقراطية الجسورة . وبطبيعة الحال لابد 
من "علاقة ما " مع سوريا ذات الدور المفصلي في الدفاع عن قلب المنطقة و 
خاصرتها ، بيد ان على هذة العلاقة ان تكون متوازنة و محترمة للسيادتين. 
و هذا يدفع بمسالة "رواسب الحرب" الى السطح . فلابد من حل ناجع لقضية 
المهاجرين و "المهجرّين " ابتداءا من امين الجميل العائد و انتهاءا بالعماد 
ميشال عون. فالتغاضي عن الامر لا يزيده الا سوءا ، طالما انه ليس من العيب ان 
يراجع الماضي بل العيب ان يتم "التلصص" على الذاكرة خوفا من ان يوضع الملح 
على الجرح الذي يرى الجميع انه التئـم منذ حين، متناسين خطر ان تذهب التجربة 
هباء . 
بعد ان عادت الديموقراطية الحرة بحلتها القشيبة الى الجمهورية الثانية ، كان 
لا بد من تأسيس ابرز مقوماتها : الشفافية و المحاسبة خاصة و ان النـزاهة 
صاحبت العملية الانتخابية عدا عن بعض التجاوزات- مثل نقص البطاقات الانتخابية 
و اخطاء في لوائح الشطب - بالاضافة الى حرب اعلامية مستعرة نسبت الى "الأشباح 
" الإعلامية او حتى المالية تارة -و الى " طيش الانتخابات الاعلامي " بين 
المرشحين تارة اخرى.
الخطابات المفلسة لن تعيد العافية للبنان الذي يروم برلمانا على قدر الثقة و 
حكومة تملك الجرأة في ان توقف نزيف الهجرة و تعيد الاستثمار الهارب. لبنان 
بروحة الجديدة بكل عافييته لا تكلسه ضرب موعدا مع تغيير جذري و اعادة صناعة 
نظام لا يضرب الفقر المدقع و قلة الحيلة و حسب بل كل ما من شأنه ان يغيب قرار 
اللبناني او رغباته

 

نشر في جريدة القبس ، العدد 9778 ، بتاريخ 08-09-2000

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

 

حملت الايام الماضية أخبارا مفاد جميعها ان التوقع لا يجدي نفعا في كثير من 
الامور ، مما يفضي لقلة الحيلة كما حدث مع "كورسك " التي قضت بمن فيها مجهزة 
على الكرامة الروسية التي ما فتئت تشرئب من جديد بعد قدوم الرئيس الجديد بوتن 
الذي عول عليه الروس لينهي الحالة الاقتصادية التي اتى بها عجوز غائب البال 
مثل يلتسن الذي خَلَفَ غورباتشوف الموصوم بالاجهاز على روسيا كقوة عظمى من 
خلال "البريسترويكا" و "الغلاسنوست" .بيد ان الامر في حالة "كورسك" لا يقع في 
خانة اثارة التساؤلات و حسب بل في خانة قلة الحيلة و وطعن الكرامة السياسية و 
تساقط الاقنعة و بروز قضايا مثل دور روسيا في النظام العالمي الجديد احادي 
القطب و رسوم الانضمام للنادي النووي .


روسيا دجنت فكان تـفـكك الاتحاد السوفيتي و التغير الدراماتيكي الذي أدى 
لصناعة نظام سياسي روسي قد تكون الديموقراطية احد اسسه بشكل او باخر .و قد 
يعود شيء من الفضل ل"يلتسن" رغم ما جرّت سياساته من فقر مدقع و سورة الاصوات 
الحانـقـة و تدهور ل"لروبل" .
"فلاديمير بوتن " وصل الى سدة الرئاسة بقرار من يلتسن الذي عينه بحصافة رئيسا 
بالوكالة منسحبا من الميدان مقللا من فرص الخصوم . الا ان كون" بوتن" شخصية 
في اطار القرار السلطوي اثار سخطا لا متناهٍ عندما برهن على انه لن يخرج عن 
اطار التخاذل و البيروقراطية التى لطالما رزح الروس تحت انيابـها . فهو لم 
يفطن للـدور الاعـلامي و " الديماغوجية " المطلوبة من السياسيين الا متأخرا . 
فقرر رفع رواتب الجيش بنسبة 20 بالمائة و اعلن عن شعورة "بالذنب و المسؤلية 
".


لعل "للانفاق الدفاعي" دور… لكن ماذا عن" الانفاق الدعائي"؟ . فقَطْع الرئس 
اجازته لا يكلف الكثير بيد انه - من منطلق التكلفة و العائد - اجدى نفعا و من 
افضل الوسائل لاجتذاب الشعبية السياسية التى حاول "بوتن" استقطابها - لكن 
متأخرا هذة المرة ،فلم يكن وراءه "يلتسن"الذي ترافقة ابنته "تاتيانا" و تدعمه 
بكل ضراوة.


فهل يقع بوتن غير مأسوف عليه و قد اثار من سخط شعبه ما اثار : فشل ذريع في 
الشيشان و لامبالاة سياسية ابقيا الباب مشرعا للعديد من التكهنات الخصبة و 
الروايات التي تحكي عن عمل فدائي شيشاني من احد العاملين في الغواصة و سط عدة 
سيناريوهات مطروحة بدءا بالانفجار و انتهاءا بنظرية الاصطدام التي ايدها " 
بوتن " في حضورة الاعلامي الذي نعت بانه هزيل و تجافيه المصداقيه .
ساعة الخلاص لم تأزف بعد ، رغم ان روسيا مرت بزخم سياسي و تاريخي يضعها في 
خانه فريدة شهدت و لاتزال العديد من الحالات السياسية على اختلاف ضروبها و 
تعدد صورها بريئة كانت او فلم تكن الاخلاق قط هدف السياسة الاول.فالدب الروسي 
تجمد و تراجع لصالح النسر الامريكي و يبدو انه لن يعود الا بعد حين او قد لا 
يعود اطلاقا ، فالتطبيق النقي لحرية المجتمع المدني قد يكون نخبويا و مكلفا 
،ورئيس روسيا الجديد ليس متأهبا لتفهمها . فمازالت القيادة السياسية تملك تلك 
العقلية" الحمراء" متناسية توازن القوى الحالى 
.

روسيا ليست الوحيدة التي تروم قيادة العالم بل تشاطرها في ذلك اليابان و 
الصين التي ازدات فرصها بعد ان بدات باضافة المرونه كعنصر اساسي ل " الماوية 
" التي تنتهجها بعد ان تيقنت انه لم يبق من الشيوعية سوى كاسترو او حتى 
غونزاليس لتصارع و تكابر عليه، و عرب مصابون ب "النوستالجيا " و "فوبيا النقد 
" يتباكون على عبد الناصر .مما عززها سياسيا وحماها اقتصاديا فلم تكن قط من 
ضمن النمور الاسيوية "غير الاشتراكية " التي انتهى بهاالامر الى " قطط مخططة" 
.
فلترسم المسالة ما ترسم و لتثر ما تثير .فمن رحم الفوضى او التخاذل لا يقوم 
نظام قادر على المجابهة : نظام لا يدجن الالم في حظيرة النسيان بل في حظيرة 
الاصلاح حتى لا تكون الجهود حرثا في البحر،فيجد الدب الروسي من يضمد جراحة في 
عز سورته او انكساره

 

نشر في جريدة القبس ، العدد 9771 ، بتاريخ 01-09-2001

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

لطالما كانت النظرة العربية تجاه الولايات المتحدة ملتبسة شائكة بعقبات الفهم و قصور التصور ، فالذهنية العربية التشكيكية ما فتئت مشحونة –بطريقة مقولبة تصل الى حد العنصرية –بمفهوم (الويلات )المتحدة ، ويقترن هذا بترسبات ال ((westophobia )) و عقدة الخواجة الزاخرتين بالمعاني الزاعمة ان وطأة التاريخ و الاحداث تصر و بضراوة ان تدعم الولايات المتحدة ضد العرب ، رغم ان المنطق يصدح عاليا ان القوة –على اختلاف مفاهيمها و تفسيراتها_تفرض نفسها بسطوع ومنطقية .فالسنوات العجاف الاخيرة في العلاقة التوازنية بين العرب و امريكا توصم دوما بالمعيارية المزدوجة والمراوغة رغم انهما مشروعتان بشكل من الاشكال في التعامل السياسي اقر العرب ذلك او ابوه .

وحقيقة الامر ان السياسات الأمريكية -التي لا تحسب الامور لا بمنطق الغامرة ولا المقامرة -سواء اغرائية كانت او اغراقية بأداة الجزرة او العصا تفيض بالصوابية فيضا اذا ما قورنت بشعوب سلبية عاجزة عن العمل الافقي الضاغط ،تنتظر الرحمات المفاجئة القادمة من المستويات الرأسية لصنع القرار ، و لعل هذا قناع من اقنعة الانسان العربي الشهير بانطوائيته و عزلتة المتقوقعة التي تخلص منها عرب امريكا الذين شكلوا قواعد و جماعات ضاغطة فاعلة .

ويقتحم الذاكرة موقفهم من اغنية تحمل معاني مسيئة للعرب في فيلم علاء الدين الذي انتجته شركة walt disney ،بالاضافة الى دورهم مؤخرا في الضغط على شركة مطاعم Burger King التي افتتحت فرعا في احد المستوطنات اليهودية رغم ان الشركة لن تسحب امتيازه تعاطفا مع العرب المشردين البائسين في عقر دارهم، و لكنها تفعل ذلك كرد فعل لقوة تحمل منطق الاجبار من خلال التلويح بالمقاطعة ، فالسياسة البراغماتية تحمل في طياتها (القوة المنطقية ) عندما تستشعر الشركات فيتو تحريضي ايعازي يكبح العدوانية ضد العرب ،ولعل هذا انفع و انجع من سياسات عنيفة ضد (شيطانية امريكا) رغم ان جهل العرب و سلبيتهم اكثر شيطانية حيث انها تجعل الاسلام الضحية في نهاية المطاف وتمثل دعاية سيئة مقرونة بقلة الحيلة امام القدرات العسكرية امام اقوى دولة في العالم ، رغم ان الذنب ليس بذنب دين السلام و العمل الجاد الايجابي الذي ما برح يربط بطريقة مؤلمة مع كل ما هو عنيف ودامي .و في الجهة القابلة نجد ان المسيحية لا تربط مع احدث العنف في اقليم الباسك او المافيا الايطالية او الفساد العنيف في امريكا الجنوبية ،ربما لان الاعلام العربي اضعف و اوهن من ان يجور على الاعلام الغربي الذي جار عليه بموافقة ضمنية منه ربما لان اعلامنا لم يصل لمرحلة المواطنة الصالحة بعد .

الصياغة الرافضة للعنف تزداد مع النظر الى واقع اللوبي اليهودي في أمريكا،فالتغلغل الفعال جلي ولا مجال لانكاره رغم ان اليهود الامريكيين لم ينتهجوا العنف بل المواطنة الصالحةالممزوجة بالبراغماتية المقنعة و المفيدة رغم ان صلاحية المواطنة تضمن عنفا ما احيانا.

بيد اننا حال نظرنا الى الصراع العربي الاسرائيلي نجد ان الموازنة مختلفة تمام الاختلاف فطالما ان منطق السلام مجحف ،يكون البديل منطق الحرب في قضية لا تحتمل لا التسويات و لا انصاف الحلول.

من هنا يظهر البون الشاسع بين (العرب المتأمركة) و ( العرب العاربة ) حيث يستعصي على الاخيرين فهم المواطنة الصالحة امام رواسب الماضي ابتداءا ب (زوار الفجر) و انتهاءا ب (وراء الشمس ) بل و ربما (وراء الصقيع ) .

المطلوب من ان نفهم المواطنة الصالحة كمشاركة فاعلة و عادلة تتطلب الا تكون في اخر قائمة الاولويات، فعندما و ضعت في المقدمة، كان نجاح الحوار العربي- الامريكي ،وعندما زج بها الى القاع فشل الحوار العربي-العربي فيرجع العرب خاليي الوفاض ، و اكثر نزاعا من ذي قبل .

لا مناص من ان الامور تستلزم نظرة شاملة كاشفة لا يقصر مداها عما تقرره (النوستالجيا ) الفكرية او ذكريات التاريخ التي لن تعود بالنواح عليها بل باستلهام موجبات القوة فيها .

الامور قد تحمل في طياتها الكثير وقد تحمل المتناقضات وكذلك هي المواطنة التي تحوى التباين في الموقع على سلم الاولويات و في ساحة التطبيق .الكل يتفق على ان العصفور المبكر يفوز بالدودة ولكن ولكن الدودة المبكرة يفوز بها العصفور!

 

 

نشر في جريدة القبس ، العدد 9090 ، بتاريخ 03-09-1999

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

يبدو أن قليلا من التمعن في الحال التركي يشفي فضول النفس حول تركيا التي
تكاد تذوي مثقلة بالهموم بشتى أنواعها التي لم يكن الزلزال المريع أولها ولن
يكون آخرها . إلا أن كارثية الزلزال أخرجت العديد من القضايا الجدلية إلى
السطح، لعل اكثرها ايلاما هو الفساد الاداري الذي طالت اللائمة بسببه
العديدين ، ابتداءا بالحكومة المتهمة بالتغاضي و التستر على مخالفات
المقاولين ، ومرورا برئيس مركز رصد الزلازل الذي لم يكلف نفسه عناء التحذير
بقرب وقوع زلزال في هذا الحزام الخطر من الاناضول ، وانتهاءا ب (اتاتورك)الذي
خلع عنه لقب ابي الاتراك ووصم بكونه نذير شؤم على تركيا و الدليل هو
أمارات((اللعنة الاتاتوركية ))الاخذة في التفاقم .
و يبدو ان تركيا (العالمثالثية ) لا تختلف كثيرا او قليلا عن العرب في جوانب
التدهور السياسي بيد ان كثيرا من جوانب الاختلاف المشرذم بادية ، فالصورة
ممزوجة و مشوبة (بمظالم التاريخ العثماني ) كما يدعوها البعض الا ان دولة
الخلافة دافعت عن الاسلام وقبلته و لا سبيل لنكران ذلك ، رغم ان التاريخ تحول
الى (كوم رماد) امام تلاقي الهلال التركي مع نجمة اسرائيل ذات الجوانب الستة
الحادة المفعمة بالمكر والحذق الإسرائيليين .
و لعل كون تركيا مقضومة عن العالم العربي و الاسلامي ، ومتجهة بافتتان الى
اوربا يجعل محاولة الاستناد الى مبادىءالتاريخ –التي لم تعد الاثيرة لاعند
العرب ولا الاتراك-كدعامة تفاوض محاولة غير ذات جدوى ، فالشفافية في العلاقات
لم تعد شافية بعد اليوم بقدر ما قد تكون السياسات (البراغماتية ) ناجعة و
نافعة فساعة الحوار على اسس عملية تكفل حق الجميع في المصلحة المشتركة- شريطة
ان تكون عادلة-ازفت من كل بد.خاصة بسبب احداق خطر اتجاه تركيا -بكل حماسة و
فقدان لحس الاتجاة –-الى الانضمام الى الاتحاد الاوربي رغم انها اوربية بنسبة
2 بالمائة كما تشهد جغرافيتها ، ورغم ان عالمثالثيتها تملي عليها الا تأبه
كثيرا بحقوق الانسان.و يتلبد هذا بغيوم مناخها السياسي المكفهر بخلافها مع
اليونان التي تغاضت عن كرامتها السياسية و مدت يد العون ،بالاضافة
الىالتساؤلات حول دور الجيش ،و المعضلة الكردية القائمة والمؤرقة مما يرشح
لخلاف مستقبلي مع الاتحاد الاوربي خاصة بعد صدور حكم اعدام( اوجلان ) الصنديد
كما يراه الاكراد الرعديد الخائن كما تراه تركيا . مما يقلل من فرصة تركيا في
الالتحاق بالركب الاوربي الذي لم يفرد لها مكانا كما يبدو رغم الشغوفين
والمفتونين به ،و لعلها (عدوى المجاورة ) التي التي تنادي بمقولة (جارهم ما
دمت في جوارهم ) وان كان الجوار بنسبة 2 % و إن كان الجار لا يرحب بضيف مسلم
ثقيل الظل ومثقل بالمشاكل.و لعل هذا هو احد دلائل ( الاسلاموفوبيا )المستشرية
اوربيا حيث ان تركيا متورطة بشرقيتها و تاريخها الاسلامي مما (يضع الملح على
الجرح) .
الجانب الاجتماعي مقلق ايضا ، فتركيا (الاتاتوركية سياسيا ) (القاوقجية
مجتمعيا )تعاني صراع الضدين فتبرز قضايا عدة مثل منع التعليم الديني و منع
الحجاب فتتأجج سورة التصادم، فالعلمانية ليست قرارا شعبيا بقدر ما هي قدر
سياسي ، وقليل من الاضاءة الكاشفة على التاريخ تبرز بجلاء التوابع السلبية
للتصادم السياسي –المجتمعي.
ان احدا لا يدعي الحكمة بعد الحدث لكن على تركياان تحسن تصريف الامور،فقد
اضيرت سياسيا و اجتماعيا ،وها هي تضار سكانيا و اقتصاديا ،فالزلزال ضرب
العافية الاقتصادية التركية في اهم مدنها .
بيد ان مرحلة نقاهة سياسية تأخد بعين الاعتبار المتطلب الاجتماعي و تؤدي
للحؤول دون تأصيل البون الشاسع بين الساسة والافراد، قد تعيد العافية للجسد
التركي المنهك حتى لا يغدو (رجلا عثمانيا منهكا )) كما كان قبلا .

 

نشر في جريدة القبس ، العدد 9407 ، بتاريخ 27-08-1999

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

يبدو أن المزاج الشعبي العام للشارع العربي اظهر وسيظهر على الدوام تعلقا صاخبا ب(نظرية المؤامرة )فهي الأثيرة لديه في تفسير جل الأحداث على تباينها وتنوعها وتعددية الدوافع والإرهاصات فيها .و على الرغم من استئثار الجوانب السياسية بالنصيب الاعظم أهمية والأوفر ثقلا ، فان هذا لم يمنع (عدوى) المؤامرة من ان تصيب مجالات أخرى جمة
فلا مناص من كون نظرية المؤامرة تمثل شكلا من أشكال النشاط الفكري والنفسي والسياسي والاجتماعي على المستوى الجماعي والفردي على حد سواء ، بيد ان هذا لن يخفي على العقلاء كونها لازمة من لوازم البعد عن الاقرار بالحقائق
وتحرج الشارع العربي من المنطقية المتمثلة في البحث عمن فتح الأبواب والشبابيك للتآمر والذي ينتهي إلي كون العرب ضالعين في التآمر علىانفسهم اما انتقائيا و اما لااراديا.
فهل تتحول المؤامرة إلى (أيقونة ملهمة معبودة ) تحال إليها كل التساؤلات وتصدر منها كل الإجابات التي تنادي دوما انه -وعن قصد وعمد_ قد اجمع المتآمرون أن يستمر (سيزيف)العربي يكابد يجر صخرته؟
وحتى لو سلمنا بصحة أفكار منظري المؤامرة( التي قد تحمتل الصدق في بعض الحالات والمواقف) ، فان هنالك ما هو أدهى أمر وهوان شيئا لا يتم بعد استعمال (مشجب ) المؤامرة ، فطالما إن الجميع جابهننا بالتامر فلا شيء امامنا عدا النواح على مستوى الجماهير والاستنكار على مستوى النخب السياسية . 
او ليست هذه السلبية هي المناخ الاكثر موائمة لميلاد المؤامرة القادمة .
من الأمثلة الساطعة والمضحكة اتهام البرازيل ( التي لا تقل عنا فقرا وتخلفا ) بالتآمر على العرب في كاس العالم ألا خيرة .
في بعض الحالات تكون المؤامرة ماثلة و قائمة بصورة لا ينفذ اليها الشك ، بيد انه من الحكمةا ان نعي ان الباعث الرئيسي و المحفز الاول لها ما هو الا اعتلال وسقم مستوى الاداء العربي ,وجود فكرة مسبقة عند كل من يريد أن يتآمر او حتى يزمع ان يفعل ذلك ان مقولة(( تآمروا كما شئتم فالعرب لن يفعلوا شيئا اخطر من البكاء )) فيها كل الصوابية المبتغاة والجاذبة .
والسؤال المحير هو : هل تتحول المؤامرة إلى نوع من القيادة الكاريزماتية غير المباشرة ملغية-تلميحا أو تصريحا- كل قواعد المنطق ،التي باتت ممجوجة ,مستهجنة و فاترة بفعل الصيغ اللاتكاشفية لنظرية المؤامرة.
وطالما ان المؤامرة كما ذكرت قد تكون ( نظرية ) أو(مشجبا) أو( أيقونة ملهمة ومعبودة ) بل وحتى(عدوى مفجعة تقود للقيادة الكاريزماتية)لكل
ضروب التخاذل, وطالما ان السياسية لعبة تبيح كل شيء حتى المكر الجائر ,فلم لا تصدر المؤامرة من العرب ، لم لم نسمع في في حين من الأحايين أن هنالك مؤامرة كان ورائها (عصابة من العرب)؟

 

نشر في جريدة الوطن ، العدد 8420/2866 ، بتاريخ 25-07-1999
نشر في جريدة القبس ، العدد 9379 ، بتاريخ 30-09-1999

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

في كل عام تتهلل أسارير الأمة لتستقبل ذكرى أكتوبر لتستعيد ذكرى النصر الممتزجة بذكرى الشهر الكريم لتتم السرور ولتخط إبداعات يوبيلها الفضي كذكرى مرت وكانت ،ولتبقي لنا واقعتا وإحباطنا ، ولتشرح (للأذكياء فقط) دروسا تخطف العقول والأبصار مجتمعة ،فتقودهم لبركان محموم من الأسئلة ، فلم لا تتكرر ذكرى النصر لتوحد زوال إسرائيل بزوال الحدود بين العرب ؟ هذا سؤال يحمل في طياته المرارة وعقد التاريخ وتثاقل الزمان بتثاقل أصحابه .

ولعل ما يميز نصر أكتوبر ان الظروف المصاحبة له على شتى الأصعدة والاتجاهات لم تكن مثالية بل على العكس ،حيث دلت جل المؤشرات ان العرب كانوا يعانون من فوبيا الهزائم المتكررة وانهم لن يقدموا على أي خطوة عدائية ، حيث أشار عازرا فايتسمان (لقدا عتقدنا قبل حرب73 ان العرب سيعيدون التفكير مرتين قبل ان يضغطوا على الزناد لكن اعتقادنا سقط بعد الحرب )) فعنصر المباغتة العسكرية يعول عليه كثيرا لإغراق العدو ومن الواضح ان العرب وفقوا في ذلك بيد ان التوسعات الغير مدروسة لم تحالفهم . فيثار التساؤل الثاني عن عدم استغلال جذوة النضال وتحركات امواجه لاكمال الملحمة ؟ ولكن هذا لم يتم للاسف فقد تحول النصر لصنم يشغلنا عن التحركات المرجوة ، والنصر الذي لا يتبعه نصر اخر يعد هزيمة ، وما يجب عليناهو الا نفهم النصر من جانبه العسكري وإلا نكون قد ابتعدنا عن الوطر المنشود ،بل علينا ادراك النصر بصورته المعنوية التي تثمن الموقف على حقيقته ، فهذا النصر فتح فرصا وفروضا للحوار المستنزف بين العرب وساعد على تعدي مرحلة الهجاء السياسي الى التعاون الجماعي وتجنب التصادمية .

ولعل ما نحتاجه في حقيقة الامر هو (روح اكتوبر) لا رمزها ونصرها الذي لم يمنعنا من لقاء اليهود بالعناق والقبل ،رغم ان عدو الامس هو عدو اليوم حتما ، والتطبيع المستشري في دماء بعض العرب لن يعود علينا الا بالمصائب والكوارث .

وبغض النظر عن التداعيات والاحباطات المتداخلة مع سعادة الذكرى ألمها ، فان علينا ألا نسعد بالذكرى عينها بل بإلهامها وروحها لتتضافر مع وعينا الممات المدفون ، ولتقدم التفاتات شكر درامية للشهداء، ولتقدم تعاز تهكمية لأحيائنا (الموتى )

 

نشر في جريدة القبس ، العدد 9090 ، بتاريخ 09-10-1998

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

المعطيات على المسرح الدولي تضيء بإشارات جديدة معطية تلميحات بان العولمة ظاهرة حاضرة ومؤثرة .ومن لا يفهم العولمة ينادي بأنها تحويل العالم لقرية صغيرة ، بيد ان هذا الرأي ينطوي على تقليل وجهل من شأنها ،فشتان ما بين العولمة أو (الكوكبة )وبين (الكوكلة ) المشتقة من انتشار الثقافة الغذائية المتشابهة وهذا لا يعني بالضرورة الاندماجية والتشابك ، بل ان ظاهرة كالعولمة تستلزم نظرة مناسبة و واعية ، لا سيما وان العرب لازالوا في بياتهم الثقافي المريح ولذا فهم يتهمون العولمة بانها لا تعدو عن كونها مؤامرة ومحاولة لطمس الهوية العربية ( المتآكلة أصلا ).

العولمة ظاهرة أفرزتها عوامل عدة وتتمتع بعدة اذرع والاهم من هذا كله ان لها أنصار قبل المعارضين. فالعوامل المنشئة متعددة فقد مر العالم بثورات كانت آخرها الثورة التكنولوجية الاتصالية التي أملت على البشر مفاهيم جديدة ، اما الأذرع الثلاثية للعولمة ، فالذراع الاقتصادي هو الأقوى حيث ينادي بحرية التجارة وفتح الأسواق وديموقراطية التعامل المالي و التجاري ووحدة الأسواق تحت مظلة الرأسمالية ، بيد ان هذا يعني ان أي تعثر في أحد الأسواق يقود بالضرورة لتعثر في السوق العالمي

اما الإناء الثاني للكوكبة فهو السياسي فذلك لا يعني توحيد العالم تحت نظام أحادى الاتجاه ، ولكن يعني إشاعة الديموقراطية وتفعيل حقوق الإنسان وان كان ذلك يستلزم حكومة واحدة مما يعطي البعض أحقية الرفض فلو افترضنا اننا قبلنا بسلطة موحدة فان مفهوم الديموقراطية مثلا سيتفاوت بين الأطراف مما يعود بنا لنقطة البدء .

اما الذراع التشابكي الثالث فهو الذراع الثقافي الذي يعتبر من اكثر الأذرع ااثارة للجدل والاستفهام حول العالم حيث يتم تأويله بانه هيمنة ثقافية ذات أبعاد استعمارية لان العولمة الثقافية تدل على اشاعة ثقافة عالميه موحدة الاراء الى حد ما مما يحوي على انماط فكرية محدودة ومقولبة تغتال الخصوصية والفردية المميزة لكل حضارة ومجتمع ، ولعل هذا يذكر بصحيفة (البرافدا ) السوفييتية التي كانت تلقن كل السوفييت ما يجب ان يقولوه أو يعتقدوا به مما يشكل استغلالا عقليا وغسيلا للمخ ، فهل يعني

هذا البعد من العولمة غسيل المخ ؟من يدري ! لكن علينا الا ننسى ان الوعاء الثقافي للعولمة يعني عند البعض انتشار التعليم وشيوع الفكر التعددي وليس الأحادي وفتح الاقنية الحوارية ،مما لا يعني دوما ( التعليب العقلي )

وختاما تكثر التفسيرات وتكثر معها الاسئلة ، فهل تتحول العولمة الى وهم على يد معارضيها ؟، وهل على العالم الثالث ان يغلق ابوابة المتكسرة في وجه العولمة حيث انه لم يكن له دور في إنشائها ؟ والاهم من هذا كله هو، هل تتحقق العولمة في عالم يموت فيه البعض من الجوع في حين يموت الآخر من التخمة؟؟

 

نشر في جريدة القبس ، العدد 9076 ، بتاريخ 25-09-1998

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

 

قال اميل حبيبي (استعيد الماضي لا لكي افتح جراحا ، بل كي لا تذهب التجربة هباء ولا تعود الذاكرة عذراء)
وقد صدق في ذلك ، فاستعادة الماضي حتم وواجب يمكننا من معايشة الواقع ورسم مسالك المستقبل ، ومن بين المؤسسات العربية الماضية والمستمرة حتى لحظتنا هذه هي جامعة الدول العربية ، تلك المؤسسة التي ما فتئت تغرقنا وتزحم عقولنا بقرارات محشوة بالوعود والعهود ،وعامرة بالمواثيق ، بيد أنها تعاني من فقر المصداقية وجوع في التطبيق وتكرار مزمن في التسويف والتأجيل ، حتى قادها ذلك أن تتحول لسوق عكاظ يجتمع فيه الجميع ليتشاكوا ويتباكوا من المصائب و المخازي التي تضيق الخناق عليهم ، ولينددوا ويشجبوا ويدينوا ويعترضوا ويحتجوا على بربرية وهمجية العدو الصهيوني ومن ثم لتعلن بعض الدول العربية نهارا 
جهارا التطبيع معها ، الجامعة العربية وقعت في مطب التناقض بسبب فيروس الإجماع الذي جمد قرارات كان من الممكن ان تفعل الكثير ، وقصارى القول انها أنشئت وهي تحمل بذورا لتكريس التفتت فهي جامعة (الدول ) العربية وليست جامعة العرب او العروبة وان كان الاسم لا يعني شيئا فالمشكلة تكمن في ميثاقها العاجز ان يثب فوق الخطب الكلامية الحماسية ليصل الى العمل( فالأعمال أبلغ من الأقوال) كما قال العرب وفعلوا قديما وليس حديثا .
وبعد هذا السيل التهكمي يتبادر السؤال عما يحسب لصالح الجامعة وليس عليها..وحقيقة القول ان للجامعة دورا في حل بعض العقبات و مظالم التاريخ ، كما انها البيضة الذهبية لبعض القادة لإلهاب حماسة الجماهير و تكوين نظرة طوباوية كلامية لعديد من الأمور . 
وختاما فان دور الجامعة في حاجة لتفعيل وتحجيم إيجابيين للقضاء على سوء الفهم وعدم التواصل والتنافس الذي وصل لمرحلة التنافر ، ايا يكن فعلينا الا نتوقع الكثير من مؤسسة ولدت على يد جراح بريطاني الا وهو انتوني ايدن وتمت مباركتها من مجلس العموم البريطاني وعلينا الا نتوقع (ان يغير الله ما في قوم حتى يغيروا ما في أنفسهم )

 

نشر في جريدة القبس ، العدد 9069 ، بتاريخ 18-09-1989

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

 

 

من الظاهر للعيان أن الأخطبوط الإسرائيلي قد مد أذرعه المتعددة واستقر وبات ينتشر ليبني إسرائيل من الفرات إلى النيل ، ف( ثيودور هيرتزل ) مؤسس الصهيونية ترك لأحفاده المخلصين( ثلاث حبات جوز) لم تقدر أسنان مؤسسته أن تطحنها في ذلك الوقت وهي،، السلطان عبد الحميد ،الأثرياء اليهود ،

و التنظيم الديني اليهودي ،لكن المتابع لحالة المد الإسرائيلية يستنتج أن حبات الجوز التي سهدت هيرتزل قد أمست وهما منكمشا لدرجة التفتت ، فالسلطان عبد الحميد قد قضى وليطيب الله ثراه ، أما الجوزة الثانية أي الأثرياء اليهود فقد تم تسييسهم وإدماجهم في العملية سيما وأن مصالحهم المالية تشارك الأفكار الصهيونية في زحفها لتحقق الأرباح الوفيرة لكلا الطرفين ، أما ثالث جوزة فأمكن تطويعها وإدماجها فتحولت المنظمات الدينية من غصة إلى حجر أساس يشارك في تقوية الكيان العام حيث أن الأطراف كلها تنتهج سياسة إرهابية تتفاوت في كتمانها أو إشهارها بحسب الاستراتيجيات التي تصب في النهاية لصالح الأطراف جميعها، ( المؤسسة الدولة ، التنظيم الديني ، وجماعات الأثرياء ) لتنشئ الصورة المثالية لأرضهم الموعودة ، فهناك الكل يعمل لنيل الوطر فالأشكناز الغربيون يحتوون السفارديم الشرقيين رغم الحقد الطبقي بينهم مادام ذلك يقود للأرض الموعودة .

هذه هي إسرائيل تفرض علينا استعمارا مبتكرا ومدعما بقوى داخلية وخارجية تخط منحنى جامعا لعديد من الوقائع الجديدة وجاذبا لشرائح مهمة ، فحتى تركيا الحليف التاريخي للعرب نراها تتنكر لهم ويبدو أن الهلال التركي سيعانق نجمة اليهود ليضع فلسفة جديدة تزيد من هذيان العرب وردهم المؤجل على الفداحة الصهيونية المستشرية والمؤيدة من الغرب الذي ينتهج أسلوب البراغماتية النفعية ، فالحقوق المسلوبة للعرب والمسلمين بواسطة مسلك لاإنساني أمر مشروع طالما سيصب في حساب

مصلحتها ،والإرهاب الإسرائيلي لا عيب فيه بل العيب كل العيب في الدفاع المشروع عن النفس، فالرأي العام هنالك قانع ومقتنع بهذه الصورة ، (فلا صداقات في السياسة بل مصالح ) كما يقول ونستون تشرتشل ،فالمصلحة الأمريكية الإسرائيلية تجرم حماس والجهاد الإسلامي لكنها تغض الطرف عن ما فعلته ( الارغون و الهاغانا و بالما و شتيرن ) ، فمثلما كانت ألمانيا فوق الجميع فان إسرائيل الآن فوق الجميع بل فوق المنطق والموضوعية ، فنحن في زمان يصيخ الجميع فيه السمع لمقولة مناحيم بيجن ( غير اليهود يقتلون غير اليهود فما ذنب اليهود ) .

 

جريدة القبس ، العدد 9062 ، التاريخ 11-09-1998

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

 

أ أعزي النفس أم أعزيك ديانا ؟؟ ،، فعندما تدق الذكرى أبوابنا الموصدة ونكون مثقلين بالألم الممزوج بالحب الذي يمد نسقه في عقولنا وذواتنا ،ونجد أنفسنا نخاطب أطيافا من (الكاريزما )في ذكرى ديانا ،يسود الوجدان الموقف وتحركه العاطفة ، نعم كلنا أحببنا ديانا بشكل أو بآخر ، وهذا الحب يدفعني لتحليل قصير لحياة قصيرة ،حياة بدأتها كفتاة خجول تقتحم عالم الأسرة المالكة المسيج بالبروتوكولات و المغلف بالقوانين ،و أنهتها بمصرع أسطوري توقف فيه قلب ملكة القلوب التي خلفت ورائها العديد من علامات الاستفهام و التساؤلات ، في حياتها كانت ديانا نجمة لصحف (التابلويد) بيد أن وفاتها مدت عدوى نجوميتها لصحف ( البرودشيت) ، ورغم هذا التوهج الخاطف للأبصار و العقول معا إلا أن حياتها الزوجية كانت ظاهرة تلفها الدموع وتتلقفها الأحزان فقد عاشت زواجا (مزدحما )على حد تعبيرها حيث كان( ثلاثيا ) لوجود ( كاميلا باركرزبولز) فيه، ولنا أن نتعاطف معها في ظل معاناتها من أعصاب زوجها الملكية الباردة وقسوة قلوب أفراد العائلة المالكة التي قادتها للإصابة بالاكتئاب والبوليميا .

ديانا كانت وما انفكت ظاهرة جاذبة لدى الكثيرين فكل شيء مميز فيها، حتى حينما قضت تركت سؤالا يتقافز أمام الجميع ، هل كان مصرعها هي وعماد الفايد قدريا أم مدبرا ؟ وبعد استثناء مسئولية (الباباراتزي ) التي قد تصح أو لا ، تتضاعف احتمالات نظرية المؤامرة التي تلقى تأييدا كبيرا من العديدين أولهم محمد الفايد والد عماد أو دودي، سيما وأن الشاهد الوحيد

الحي (ريس جونز )فقد الذاكرة جزئيا مما يؤجج التكهنات والتوقعات ، والتفسير بواسطة المؤامرة و يعطي التذهين الأسطوري لنهاية حياة أسطورية ، وهذا الطرح فضلا عن كونه يوفر اللمعان والبريق المصاحبين دوما لديانا ، فانه يشكل بعدا منطقيا يكتنف القضية برمتها فديانا أحبت عربيا مسلما و كانت أنباء زواجهما القريب تتلاحق متضمنة أخبارا عن كون ديانا حاملا وتفكر في اعتناق الإسلام مما زاد أحقية طرح المؤامرة كتفسير ، فهذا الزواج لو تم سيوجد أخا من دماء عربية مسلمة للأميرين وليام و هاري مم سيؤدي إلى تكسير أنياب الأسد البريطاني تكسيرا موجعا يقوده للأنين عوضا عن الزئير ، ومما يزيد الطين بلة

عدم ترحيب الأسرة المالكة بالفايد و عدائها الشخصي له ، فرغم مكوثه الطويل في المملكة المتحدة واستثماراته الهائلة فيها إلا أن طلباته المتكررة للحصول على الجنسية البريطانية جوبهت بالرفض ،

كل هذه الشواهد والقرائن تثير شهية الكثيرين لاقتراح المؤامرة كإجابة _وقد يصيب افتراضهم أو يخيب _ لكن ما حدث يعيد للأذهان حادثة اغتيال الرئيس الأمريكي (جي اف كينيدي ) الذي كان له صلات طيبة مع العرب ، فهل يكون الموت مصير من يتقارب مع العرب ؟؟ وهل سيشهد عصر العولمة شيئا يسمى ب ( لعنة العرب ) من يدري ؟؟ .

 

نشر في جريدة القبس ، العدد 9055 ، بتاريخ 04-09-1998