(وقت القراءة: 1 دقيقة)

اكثر ما يثير الفضول في قمة قمة عمان الاعتيادية 2001 هو انخفاض مستوى 
التمثيل (14 رئيسا من اصل 22) فيما حل وزراء الخارجية او نواب الرؤساء او 
غيرهم محل رؤساء دولهم .
في ظل حـل الخلاف الحدودي القطري- البحريني ، و القطري- السعودي، و بين 
محاولات لاعادة تأهيل صدام حسين في النظام العربي ،بالاضافة إلى محاولات 
دولية لتأهيل رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون في المنطقة ، مرورا بقبول 
وزير الخارجية المصري عمرو موسى خلفا لمواطنه عصمت عبد المجيد ، و حضور 
العقيد معمر القذافي -بتعليقاتة المثيرة للجدل- اقول حضوره القمة التي تمنع 
عن حضور سابقتها ،و مصالحة سورية-فلسطينية، و مصافحة و قُبلات 
عراقية-سعودية،و وعد من العراق بمليار يورو للانتفاضة و 7 ملايين متطوع في 
الوية تمتد من العراق حتى القدس لتحرر فلسطين حتى حدودها التاريخية لعام 1984 
"من البحر إلى النهر" ،و حضور الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان كمراقب، 
و انتهاءا بالخطاب التوافقي التصالحي للرئيس السوري بشار الأسد الذي طالب فيه 
بحدود1976 واصفا اسرائيل ب"اسوأ من النازية " . بين كل هذا الخضم اكتسبت 
القمة العربية الثالثة عشرة نكهتها الخاصة التى قد تنقل العديد من الملفات 
الى قمة بيروت 2002 دون حل قاطع لها .
المصافحات التصالحية بين الرئيسين السوري و الفلسطيني انهت عقدا من الجفاء و 
ابرزت مسالة "وحدة المسارات " إلى السطح مرة اخرى. من بين اولويات سوريا الا 
يتفاوض العرب فرادى فيتسلل احدهم إلى اوسلو ليضعضع الموقف العربي قاطبا. كلمة 
الاسد كانت تصالحية إلى ابعد حد ، تلاها لقاء الاسد-عرفات مدة 45 دقيقة و تم 
تقرير موعد في منتصف ابريل -نيسان لزيارة عرفات لدمشق مما يعني رفعه من 
القائمة السوداء و فتح صفحة جديدة قد تثير قلق الإسرائيليين اذا ما تم تقارب 
Rapprochement بدرجة واسعة تقود عرفات إلى تصليب موقفه او تزيد الموقف السوري شراسة.
التصالح الثاني لم يقتصر على التصافح ، بل اتسم بالعناق و القبلات ، حيث امطر 
عزت ابراهيم الامير سلطان بن عبد العزيز بالقبل ، البعض يرى ان ذلك ليس وليد 
الصدفة خاصة مع تخفيف اللهجتين العراقية و الكويتية في خطابيهما ، و تساهل 
السعودية و الكويت مع الموضوع -او الحالة - فكانوا ملكيين اكثر من الملك، 
مجلس الامة الكويتي بدوره مستاء من التساهل و محاولة الكويت الا تظهر بمظهر 
ال Villain او الشخص الشرير المتسبب في الحصار و الالم .
التمنع و المعارضة جاءت من الجانب العراقي ،رغم قبلات عزة ابراهيم رئيس الوفد 
العراقي .لكن يبدو ان العراقيين انفسهم منقسمون : محمد سعيدالصحاف يتهم 
الكويت بافشال القمة و يؤكد "الَنفَس" الكويتي- السعودي في البيان المتعلق 
بالعراق ، بينما ينحو عزة ابراهيم -الرجل الثاني في العراق- منحي تام 
الاختلاف.
ما يأخذ على القمة ، انه و رغم قمة التساهل امام العراق ، فلم يكن الرد سوى 
ان الكويت افشلت القمة . الملك عبد الله الثاني الذي ادهش الحاضرين بالقاء 
كلمته عن ظهر قلب و بلا اخطاء ، كلف برئاسة لجنة لمتابعة ملف "الحالة" التى 
يأمل الا يكون دورها مثل دور "لجنة حل النزاعات " في مجلس التعاون الخليجي 
التى وقفت عاجزة تنتظر حكم "لاهاي " .
لكن اتساءل كما يتساءل الاستاذ سمير عطا الله في "الشرق الاوسط" لماذا هذا 
العنوان؟ الحالة العراقية الكويتية ؟يقول الاستاذ عطا الله : (( انه ضرب آخر 
من فنون الديبلوماسية ومهارتها. فاذا سمي الخلاف العراقي ـ الكويتي خلافاً 
ضعفت امكانية الاتفاق. واذا سمي نزاعاً كبر الشق. واذا سمي «القضية» فماذا 
تسمى القضية الفلسطينية او القضية العربية. واذا سمي المسألة اوحينا بأنه بلا 
حل. لذلك وصل الى القمة تحت عنوان «الحالة»: كلمة تنبئ ولا تصف، تعرض ولا 
تحدد، وتفي من دون ان تثير))
امام "الفيتو" الأمريكي على ارسال قوات مراقبة إلى الاراضي المحتلة ، و 
الشكوى الفلسطينية بعدم وصول اموال المساعدات ،يوروهات كانت ام دولارات ، 
قدمت القمة امرا ايجابيا -ان لم ينضو تحت لواء الحبر على ورق-اتفاق القادة 
العرب على عقد اول قمة اقتصادية لهم في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في 
القاهرة.
الدعم الفلسطيني و منذ القمة الماضية (اكتوبر 2000) عانى الامرين ، فلا اموال 
الانتفاضة وصلت لتدعم الانتفاضة و لا لتخفف من حدة "خطة المائة يوم الشارونية 
" التي ارسلها كعربون عرفان لبرقية عرفات لتهنئه بالفوز برئاسة الوزراء ،و لا 
لتنقذ الارضي الزراعية التي امطرها الاسرائيليون بالمياه العادمة ، و قبل ذلك 
اغتيال اشجار الزيتون ، و الاطفال و طابور من الشهداء ، الكثير من الدماء و 
الكثير الكثير الكثير من الكلام . الاسد يطالب بحدود 1967 و العراق بحدود 
1984 اما عرفات فقانع ب ال 90% من غزة وال 40% من الضفة التي لا تشكل مجتمعة 
سوى 20% من المساحة التاريخية لفلسطين، مفسحا المجال لغيره ليكونوا "ملكيين 
اكثر من الملك " 
قمة عمان واجهت اسرائيل -كالعادة-بسياسة ردة الفعل ، تكلمت كثيرا -كالعادة 
ايضا-، وعدت الفلسطينيين بالدعم المالي و لما يصلهم دعم سابقتها-وعود عربية 
"عرقوبية" كالعادة- ،و شكلت لجنة لحل "الحالة" بين الكويت و العراق ، يؤمل 
الا تفشل -كالعادة مجددا. انها قمة كرست العادات العربية غير المستحبة و نقلت 
كل الطباع السلبية في العقلية العربية : الكلام من دون فعل ، و الوعود من دون 
تطبيق ، لا مبادرات بل ردود افعال ، هيمنة دولة واحدة على المقر و الامين 
العام معا ،و عدم احترام للصحافيين حسب شكوى "صحافيين بلا حدود" . الا تستحق 
القمة العربية ان تدعى ب " قمة العادات السيئة" ؟

 

نشر في جريدة القبس ، العدد 9984 ، بتاريخ 06-04-2001