(وقت القراءة: 1 دقيقة)

barbie(نُشرت في جريدة الراي، عددالجمعة 25 أغسطس 2023، صفحة 15.)

بالله عليكِ، بربِّكِ يا "باربي"، ماذا تفعلين بنا جيلا بعد جيل؟ كنتِ لنا أيقونة الجمال وميزانه، وقدوةً -سرا أو جهرا- لكثير منا. لم تكوني مجرد دمية، بل مهلا ... كنت دمية لكن ليس في أيدينا نحن الصغيرات، بل في أيادٍ أخرى تبثّ عبرك ما تريد. هكذا اكتشفنا حين شببنا عن طوق عالمك الوردي. وها أنت تعودين مجددا، فماذا تنوين؟ وكم وجها لك يا باربي؟ آمل ألا يكون بعدد ثيابك!

مدفوعة بالنوستالجيا من جهة، والضجة التي أثارها الفلم من جهة أخرى، قررت أن أستغل فرصة وجودي في بريطانيا لأشاهد فلم "باربي" الممنوع في أكثر من دولة عربية، لأقف على مراميه بنفسي.  

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

alrai 8may2023(نُشرت في جريدة الراي، عدد الاثنين 8 مايو 2023، صفحة 15.)

في الشرق أو الغرب، لا بد أن يُثار النقْع بين الفينة والأخرى على أمر متعلق بالحجاب. أقامت مؤخرا إحدى المدارس في الكويت حفل تكريم لطالباتها اللاتي ارتدين الحجاب؛ ارتدينه بقرار منهن ومن ذويهن. وحفلات التكريم نشاط مدرسي معتاد، يُقام لأمور متعلقة بالمنهج الدراسي، أو الأنشطة اللاصفية، أو الإنجازات، أو السلوك الطيب المحمود. وحينما نشر أحد الحسابات الإخبارية مقطعا لحفل التكريم، ثارت الثوائر، وانهمرت التعليقات والتغريدات تندد بهذا التكريم، حتى أن بضع جمعيات أصدرت بيانا مشتركا تستنكر فيه التكريم. ادعى المعترضون أن هذا التكريم يقع في إطار التمييز والتفرقة، ويؤذي مشاعر الطالبة غير المتحجبة!

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

 raimedia 20230115 1 16

نُشرت في جريدة الراي، عدد الأحد 15 يناير 2023، صفحة 15.

مكتوبا بالطباشير على لوح الصف وقتَ الاختبارات، أتذكّر جيدا الحديث الشريف "مَن غشّنا فليس منا". كان الغش وصمة عار، ونشاطا مرتبطا بأولئك الطلبة "الكسالى"، المتمردين، الصعاليك. كان نشاطا تمارسه شريحة هامشية لا يُتوقّع لها مستقبل باهر، بل لا يُتوقع لها مستقبل أصلا. وكان مجترحوه -بوسائلهم المتواضعة مثل "البراشيم"- حريصين على إبقائه ضمن دوائرهم الخاصة درءًا للفضيحة.

يُكرّر الحديث الشريف ذاته على الطلبة اليوم، ولا يثير رهبة كبيرة فيهم، واأسفاه! بل صار العكس صحيحا، مَن لا يغش، "فليس منا"؛ مَن لا يغش شخص غريب وجبان. نعم، صار الغش بطولة ومَفخرة، وسببا للاندماج في مجتمع المراهقين، ووسيلة مريئة للتفوق.

لهذا نجد خطابا حِجاجيا ينتشر بين الطلبة بل وأهليهم أحيانا؛ "هذه مساعدة"، "هذا تعاون"، "الكل يفعل هذا". ولوي عنق الحقائق بهذه الطريقة حيلة قديمة لإسكات الضمير. كحيلةِ المرابين الذي نقل القرآن الكريم تسويغاتهم {... إنّما البيع مثل الربا ...}، وكحيلة النمرود حين جابهه إبراهيم -عليه السلام- بحقيقة أن الله يحيي ويميت، فأُسقط في يده، وجاء بمواربة عقلية سمجة.

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

alrai christmas 20dec2022 p19

نُشرت في جريدة الراي، عدد الثلاثاء 20 ديسمبر 2022، صفحة 19.

حاشا وكلا! كيف يأتي موسم "الكريسمس" دون أن تدور المعركة الفكرية السنوية الطاحنة؛ نحتفل أم لا نحتفل؟ نضع شجرة كريسمس أم لا؟ ومتابعة هذا السجال ممتعة، فباستعراض حجج كل فريق يمكننا أن نفهم شيئا عن عقلية الإنسان العربي اليوم؛ كيف يفكّر، وكيف يبرّر، وكيف يقرّر.

نعلم أن تلك الشجرة رمز للاحتفال بميلاد يسوع عليه السلام، ابن الرب وفق المعتقد المسيحي. ونعلم جيدا أن هذه الفكرة تُصادم أصلا في عقيدتنا. لكننا كذلك نعلم -وبنَصّ القرآن الكريم- أن أقرب الناس مودة لنا هم المسيحيون، هم قوم نتعامل معهم بالبِر والقسط. ويبدو أن العقلية العربية تفترض أن برّنا بالمسيحين يعني حكما مُبرما بأن نوافقهم في كل أمرهم لئلا نجرح حبل المودة. وأظن أن هذا تنطّع مزعج سيتعجب منه المسيحيون أنفسهم. أتذكر حوارا جمعني بفتاة بريطانية وقد توثقت علاقتنا، فسألتني قبيل احتفالاتهم بالكريسمس بمنتهى التهذيب: "هل تحتفلون بالكريسمس؟"، فأخبرتها بأننا لا نفعل. وظل حبل الود، ولم تظن بي قلة التسامح. وأنا بدوري لا أتوقع من معارفي غير المسلمين الاحتفال معي بقدوم رمضان أو بالعيدين. بأي حق أطلب مثلا من مسيحي يرى أن الذبيح هو إسحاق، أن يحتفل معي بعيد نستذكر فيه أن الذبيح هو إسماعيل؟ مما تعلمت في الحياة أن المداراة الزائدة دليل على علاقة سطحية لم تُختبر، وأن النقاشات غير المريحة هي التي توثق علاقتنا بالآخرين. العلاقة الصادقة والمتكافئة هي التي نختلف فيها في الآراء، ثم نخرج بعد كل هذا وليس في قلوبنا شيء.

مَن يحتفلون بالكريسمس متعللين بأنّ هذا من باب التوادّ مع ديانة سماوية لها إجلالها، يغفلون عن كون الكريسمس -أدركْنا أم لم ندرك- بات أيضا منتَجا للحضارة الغربية وممثِلا لها. الكريسمس اليوم رمز مزدوج؛ يعبر عن هوية دينية، لكنه أيضا يعبر عن هوية حضارية. فقد نجد في الغرب مَن لم يذهب للكنسية قط في حياته، لكنه يزيّن بيته بزينة الكريسمس لأنه يشكل جزءا من هويته الحضارية والثقافية والتراثية. هذه السطوة النفسية والإعلامية لشجرة الكريسمس، ومألوفية اللونين الأخضر والأحمر، صارت بصمة لحضارة الغرب. فالسؤال، هل الاحتفال هنا حقا من باب التوادّ الديني، أم هو انبهار بالغرب المتقدم وتماهٍ معه؟

نعرف الإجابة حينما نتابع الموجة المتصاعدة في السنوات الأخيرة للاحتفال بالهالوين. وهذه مناسبة غير دينية، فأي تسامح ديني يمارسه المحتفلون بها؟ لا تسامح في الأمر، بل تمسّح بمنتَج من منتجات حضارة وهوية نراها أفضل وأقوى. هي محاولة لتقمص حالة القوة بمحاكاة ما يفعله أبناء تلك الحضارة. وهذا ما شرحه ابن خلدون بقوله: "المغلوب مُولَع أبدا بالاقتداء بالغالب في شعاره، وزيه، ونحلته، وسائر أحواله وعوائده".

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

اختطاف قوس قزح 

نُشرت في جريدة الراي، عدد الأربعاء 7 ديسمبر 2022، صفحة 19.

"هو مو مثلي، أنا رجل وهو شاذ"، و"هي مو مثلية، أنا امرأة وهي شاذة"، هكذا يقول إعلان شجاع ينتشر في شوارع الكويت هذه الأيام. "مثلية"، يا لهذه الكلمة الرقيقة في مبناها ومعناها! هذه كلمة تطبيعية لها إحالات تدل على التشابه، وتُفضي -لا شعوريا- إلى الاندماج والتقبل. متى وكيف انسلّت هذه الكلمة بيننا واندست في قاموسنا؟ ومتى وكيف صار شيء مستمد من الطبيعة مثل قوس قزح، يُستخدم رمزا لممارسة أبعد ما تكون عن الطبيعة والفطرة؟!

تلطيف الكلمات القاسية مسألة شائكة، تتطلب معرفة الحد الفاصل بين ما يَحْسُن تلطيفه وما لا يَحْسُن. إذا عدنا إلى تراثنا اللهجي سنجد أن ظاهرة التلطيف اللفظي حاضرة. فنقول في لهجتنا فلان كِريم عين (بنطق الكاف جيما فارسية) للإشارة إلى الشخص الأعور، وفلان حرّيص أي بخيل، وانفصلوا أي تطلّقوا، ويغيّر بعضنا كلمة "الرفلة" إلى "الطيبة" في المثل الشهير "خبز خبزتيه يا الرفلة اكْليه"، وفي تراثنا أغنية شهيرة هي "شوط شوط يا البطّة، الله يسلّم من حطّه" ولهذه الأغنية صيغة أقل لطافة هي "لِعن أبو من حطّه". واللطافة درجات؛ فليس في قولنا "فلان مات" ما يجرح، لكن نمعن في اللطافة والتهذيب حين نقول "فلان توفى"، وليس في قولنا "فلان أعمى" ما يهين، لكن قولنا "فلان كفيف" أرقى، وأرقى منه قولنا "فلان بصير".

وكل هذا مستمد من تراثنا الديني واللغوي، فنجد نهيا عن استعمال كلمة العبد والأَمَة، إذ جاء في الحديث الشريف "لا يقولَنَّ أحدُكم عبدي وأَمَتي، ولكن ليقل فتاي وفتاتي". ويزخر القرآن الكريم بكنايات تلطيفية منها قوله تعالى "جاء أحد منكم من الغائط" والغائط في أصلها المتسع من الأرض وهو المكان الذي كانت من عادة العرب أن تتخذ فيه الكُنُف (الحمامات)، ثم تحولت دلالة الكلمة، وقوله تعالى "لامستم النساء"، وهذه كناية لطيفة أيضا. والعرب تسمى الملدوغ والملسوع سليما تيمنا وتفاؤلا بشفائه، وتقول "قضاء الحاجة" وهي كلمة فضفاضة يقصد بها أمر محدد، وتسمي الصحراء مفازة، وتسمي العطشان ناهلا. وكانوا يسمون جذيمة الأبرص بجذيمة الأبرش أو الوضاح. ومن التلطيفات اللفظية الحديثة قولنا "ذوي الهمم" بدلا من المعاقين. هذه ظاهرة لغوية قديمة ومتجذرة في تراثنا، أقدم بكثير من حركة اللباقة السياسية Political Correctness بدأت في ثمانينيات القرن الماضي.

لكن هذا التلطيف لا يجوز أن يتغوّل إلى الحد الذي يقلب فيه الحق باطلا والباطل حقا. فقد جاء في الحديث الشريف: "ليشرَبنَّ ناسٌ من أمَّتي الخمرَ يُسمُّونَها بغيرِ اسمِها". ونجد أن هذا الحديث تحقق، فهناك من يسمي الخمر "مشروبات روحية" نقلا عن الإنكليزية، وهذا اسم والله شديد الرقة. ومثل هذا تسمية الرشوة إكرامية. ونجد أن كلمة "الربا" صارت شبه مُماتة إلا في الكتابات الشرعية، واستبدل بها كلمة "فائدة". هل قرأتم خبرا يقول: "البنك المركزي يرفع سعر الربا 100 نقطة"؟! وليست تسمية الشذوذ بالمثلية إلا مثالا ساطعا على التلطف الجائر الذي يقلب جوهر الأمور. تحمل أسماء الأشياء أحكاما قيميّة وتوجهات وتوجيهات. وقولنا "شذوذ" انحياز واضح، وحكم مسبق، ونِعْمَ الانحياز! فثمة أمور كبرى في الحياة لا يُحتمل أن تترك مائعة دون حزم.

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

2017 8 9 alqabas article page12

 

نُشرت في جريدة القبس، 9 أغسطس 2017، صفحة 12.

 

"فاشِنستا"، اللفظة قديمة، وتعود لعشرين عاما تقريبا. الأصل في Fashionista  (المسبوكة من كلمة إنكليزية ولاحِقة إيطالية) أن تُطلق على المتعلّقين بآخر طرازات اللباس، أو الموضة. وهذه ظاهرة أقدم من هذه الكلمة بطبيعة الحال. لكن منذ بضع سنين، في عالم وسائط التواصل الاجتماعي، اكتسبت الكلمة معنى جديدًا وذا زخم.

ثقافة الاستعراض
في العالم كلّه، صارت وسائل التواصل الاجتماعي المعتمدة على الصُور (مثل الإنستغرام والسنابتشاب) وسيلة للاستعراض البصري. وهذا لا يقتصر على بقعة أو فئة معينة. فنجد ثقافة الاستعراض هذه باديَة، حتى صار الأطفال يفتحون قنوات على اليوتيوب ويستعرضون فيها يومياتهم، وآخر ما اشتروا، وأحدث ما صنعوا. صار لكلٍّ منبر، ولكلٍّ منصّة في سوق كان في يوم ناديًا حصريّا لأهله المُختارين.  
هذا امتداد طبيعي لما فعلته الإنترنت من كسر التقليدية والمركزية. فكما أن سُلطة المخرج تراجعت، وصار الناس يصورون، و"يمنتجون"، ويُخرجون أفلامهم بأيديهم، سقطت كذلك حصرية مسألة "النجومية" وما يرتبط بها من قوة تسويقية، وسلطة تحريك الجماهير. ففي السابق، كانت تلك السلطة النجوميّة محتكرة في المشاهير الذين منّ عليهم التلفزيون ووسائل الإعلام التقليدية بعباءة النجومية الثمينة. وبعد أن سُحب البساط من الوسائل ذات القبضة الحديدية، انفرطت حبّات المسبحة، والتقطها مَن التقطها.

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

chicken prison

 

تخيّل نفسك هنا مقفوصا، تخنقك رائحة النتانة، لا يسعك أن تنام دون أن تلتصق بغيرك. تخيل نفسك تأكل من إناء جماعي الطعام ذاته كل يوم، تأكل الذرة المعدّلة وراثيا التي تعبث بجسدك، وتعربد في تركيبتك وخلاياك. هَبْ نفسك محروما ضوء الشمس، ومحرّم عليك أن تتنشق هواء نظيفا خاليا من راحة الذرق والخبث. أمّا أن تمشيَ، وتمرحَ، وتلتقطَ الحبوب من الأرض الرؤوم، فترفٌ ممجوج لا ترهق نفسك فيه تفكيرا. وحين تعطش، وتود لوتتغرغر بماء نظيف، لا تجد إلا ماءً ولغ فيه كثيرون قبلك، ماء في وعاء لم يعبأ أحد أن ينظفه من الفضلات.

وتخيّل الشيئين القابعين على جانبيك، أجل هذان الشيئان الصغيران المسميان جناحين، تخيل أنك لم تفردهما منذ زمن طويل، حتى أصابهما الخدر والخوار. تخيل أنك تكبر بسرعة عجائبية، تقريبا مثلما حدث لألِس حينما شربت من تلك القنينة في بلاد العجائب. هرمونات تحقن في جناحيك الصغيرين الخدرين، فتكتنز، وتكتنز، تتضاعف ... لكن ثمة شيئا من الداخل يُضعفك ويُضعضعك.

(وقت القراءة: 0 دقائق)

 

ماذا كان اسمها؟ تلك الأم التي أحنت ظهرها في ذاك المصنع المشنوق بالزحام والمخنوق بالدخان وروائح الأصباغ؟ تلك التي أمسكت بالأكواب الخزفية وأخذت تلوّن الشخصيات الظريفة، والمقابض المزودة بكائنات محببة. ولماذا كانت تفعل كل ذلك؟ على أمل أن تراها امرأة ما في العالم السعيد فتبتاعها لأبنائها، فتعود تلك ... تلك الأم التي لا أعرف اسمها إلى بيتها ببضعة يوانات لأبنائها.

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

 

هرّة نحيلة، لها فراء أبيض ضحل مزين ببقع رمادية، عيناها زرقاوان محاطتان بلون أسود جميل. قررت أن أسميها كحيلة. هل أخبرتكم أن شغفي بالهررة وصل إلى مرحلة إطلاق أسماء على الهررة التي أصادفها في الشارع؟

 

أعلم أن بعضكم توقف عن القراءة سلفا، وأن البعض الآخر إنْ يستمر في القراءة إلا ليعرف ماذا تقول هذه الكاتبة الغريبة، وقليل منكم يتابع لأنه –وبصدق- يحب مخلوقات الله الأليفة اللطيفة الشفيفة.

 

حينما مررت بكحيلة، كانت تعتلى حاوية نفايات صغيرة. أخذت تنظر إليّ بتوجس متهيئة للجفول. آلمتني تلك النظرة في عينيها. كل هذا الخوف، والترقب، والعدائية المحتملة. هذا الافتراض أني جئت لأنغّص عليها وجبتها. وجبتها التي يستكثرها عليها الإنسان. الإنسان المجرم الذي اقتلع الهررة من بيئاتها الطبيعية وزرعها في مدائنه كي تكافح القوارض. وحينما أنهت مهمتها، بات يتوجع من الهررة التي تتناسل بإفراط، وتقتحم حاويات نفاياته وأفنية مبانيه، وتستظل أو تستدفئ بسياراته. الحل سهل جدا عزيزي الإنسان، تحمل مسؤولية أفعالك. اجمع الهررة التي جلبتها وارمِ بها في مواطنها الأصلية، و"لا ضرر، ولا ضرار" كما قال الحبيب عليه الصلاة والسلام! 

 

وظل السؤال يعجنني؛ أنيّ ينثّ كل هذا الخوف في قلب كحيلة وعينيها؟

 

* * * * *

 

في المساء كنت أسير في الشارع نفسه، ويمشي قبالتي من بعيد شاب ومعه طفل في السادسة أو السابعة يبدو أنه شقيقه. لاحظت حاوية نفايات تجلس فوق قمتها هرة لم يتسن لي أن أطلق عليها اسما. كانت في منتصف المسافة بيني وبين الشاب والطفل. هنا، توقعت ما سيحدث. سيتوقف الشاب، ويلتقط شيئا (حجرا أو عصا من قرب الحاوية) ويعلّم الطفل كيف يضرب الهرّة. أخذ الأدرينالين يتصاعد، وانجرفت أفكر في الكلام الذي سأوجهه للشاب. لأعنفنّه على العادات السيئة التي يعلمها هذا الطفل البريء في شهر مبارك.

 

أبطئ في المسير استعدادا لما كنت أتوقع. لكنهما يستمران في المسير متجاوزين الهرة. وفجأة، يتخلف الطفل عن مرافقه كالآسف على تفويت طقس مبجّل. يلتف متجها نحوها، يركل رجله بقوة في الهواء صوبها، ويمضي ... آآآآه! تغيير مفاجئ في السيناريو! لا تسعفني اللغة سوى أن أقول له "لا! حرام!" بصوت متهدّج بالصدمة. لكن الطفل لا يلتفت إلىّ البتة. خانني صوتي كالعادة؟ لا. بل الطفل مزهو جدا بانتصاره، فما يسمع صوتا غير صوت المعركة.

 

الآن أعرف من أين جاءت تلك النظرة في عينيّ كحيلة. الآن يُلحّ بي بيت إيليا أبي ماضي الذي توجه به إلى زهرة قطفها عابث:

 

وأكثرُ خوفي أن تظنّي بني الورى *** سواء، وهم مثل النبات ضروبُ

 

 

 

 

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

 

كتبت مجموعة من التغريدات في "تويتر" في الثامن من مارس الموافق ليوم المرأة العالمي، وجاء معظمها تحت الوسم #ربيع_المرأة

أجمعها هنا في هذه المقالة لتعم الفائدة والنور، ولتكون ومضة ونسمة في سبيل ربيع للمرأة.

 

 

لا يسؤوني شيء أكثر من ظلم المرأة، سوى مقابلة المرأة لهذا الظلم بتمجيد نفسها إلى حد يقترب من ادعاء الملائكية!


لأخذ العلم:
التوراة تقول أن حواء أخرجت آدم من الجنة، والقرآن الكريم يقول أن الإثم مشترك بينهما.


يظنون أنهم يمتدحون المرأة حينما يقولون "هي نصف المجتمع". حسنا، والرجل هو النصف الآخر، فأين المديح؟

 

لماذا يظنون أنهم يمتدحون المرأة حينما يقولون "هي الأم والأخت والزوجة والإبنة"؟ هذا وصف وليس مديحا!

لا يريدون رؤيتها في أدوار غير تابعة للرجل. هي أمه هو، زوجته هو، أخته هو، ابنته هو. سيدة نفسها؟ لا!

 


يهمشون المرأة ويربونها على السخافة وقلة الطموح ثم يلومونها على قلة إنتاجيتها، وبيعها لصوتها في الانتخابات، ولهثها وراء المظاهر.

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

صدقا وحقا، لا أعرف من هذا الذي افترض أن ثمة ثنائية عدائية بين جمال المظهر والمخبر؟ من ذا الذي افترض أن سياسة "إما، أو" واجبة التطبيق؟ هل نحن في برنامج مسابقات حتى نختار أحدهما دون الآخر لنتأهل للسحب على الجائزة الكبرى؟

إذا أردت أن تُحرج أحدهم، فجرّب أن تسأله هذا السؤال:

"أيهما الحقيقي برأيك: جمال المظهر أم جمال المخبر؟"

وستجده -مجبرا مرغما- يقول لك دونما تفكير وكأنما يدافع عن نفسه:

"بالتأكيد جمال المخبر، الجمال جمال الروح!"

* * * * *

لا أعرف لم تقولبنا على قول ذلك؟ ونحن جميعا –أنا وأنتم أعزائي- نعلم جيدا جدا في قرارة أنفسنا أن أول ما يلفت نظرنا هو جمال الظاهر قبل جمال الباطن، لأسباب عدة. فجمال الظاهر هو خط اللقاء الأول، في حين أن جمال الباطن يحتاج إلى وقت لتستبينه وتتعرف عليه، بعكس الظاهر الذي يدخل عينيك وقلبك قبل أن يرتد إليك طرفك. كما أن جمال الشكل لا يحتاج إلى ترجمان، فهو واضح وسهل وبسيط، لا أبعاد فلسفية فيه –إلا لمن أراد أن "يتفلسف"!- ولا إعمالَ للعقل والفكر. وأرجو أن تلاحظوا أني هنا أتكلم عن الجمال كمفهوم مطلق وقيمة قابلة لأن توجد في أي شيء حولنا في الكون، وليس فقط عن جمال البشر، وجمال العيون والقدود، وغيره مما يعتلفه الإعلام ويجتره.