(وقت القراءة: 1 دقيقة)

يبدو أن المزاج الشعبي العام للشارع العربي اظهر وسيظهر على الدوام تعلقا صاخبا ب(نظرية المؤامرة )فهي الأثيرة لديه في تفسير جل الأحداث على تباينها وتنوعها وتعددية الدوافع والإرهاصات فيها .و على الرغم من استئثار الجوانب السياسية بالنصيب الاعظم أهمية والأوفر ثقلا ، فان هذا لم يمنع (عدوى) المؤامرة من ان تصيب مجالات أخرى جمة
فلا مناص من كون نظرية المؤامرة تمثل شكلا من أشكال النشاط الفكري والنفسي والسياسي والاجتماعي على المستوى الجماعي والفردي على حد سواء ، بيد ان هذا لن يخفي على العقلاء كونها لازمة من لوازم البعد عن الاقرار بالحقائق
وتحرج الشارع العربي من المنطقية المتمثلة في البحث عمن فتح الأبواب والشبابيك للتآمر والذي ينتهي إلي كون العرب ضالعين في التآمر علىانفسهم اما انتقائيا و اما لااراديا.
فهل تتحول المؤامرة إلى (أيقونة ملهمة معبودة ) تحال إليها كل التساؤلات وتصدر منها كل الإجابات التي تنادي دوما انه -وعن قصد وعمد_ قد اجمع المتآمرون أن يستمر (سيزيف)العربي يكابد يجر صخرته؟
وحتى لو سلمنا بصحة أفكار منظري المؤامرة( التي قد تحمتل الصدق في بعض الحالات والمواقف) ، فان هنالك ما هو أدهى أمر وهوان شيئا لا يتم بعد استعمال (مشجب ) المؤامرة ، فطالما إن الجميع جابهننا بالتامر فلا شيء امامنا عدا النواح على مستوى الجماهير والاستنكار على مستوى النخب السياسية . 
او ليست هذه السلبية هي المناخ الاكثر موائمة لميلاد المؤامرة القادمة .
من الأمثلة الساطعة والمضحكة اتهام البرازيل ( التي لا تقل عنا فقرا وتخلفا ) بالتآمر على العرب في كاس العالم ألا خيرة .
في بعض الحالات تكون المؤامرة ماثلة و قائمة بصورة لا ينفذ اليها الشك ، بيد انه من الحكمةا ان نعي ان الباعث الرئيسي و المحفز الاول لها ما هو الا اعتلال وسقم مستوى الاداء العربي ,وجود فكرة مسبقة عند كل من يريد أن يتآمر او حتى يزمع ان يفعل ذلك ان مقولة(( تآمروا كما شئتم فالعرب لن يفعلوا شيئا اخطر من البكاء )) فيها كل الصوابية المبتغاة والجاذبة .
والسؤال المحير هو : هل تتحول المؤامرة إلى نوع من القيادة الكاريزماتية غير المباشرة ملغية-تلميحا أو تصريحا- كل قواعد المنطق ،التي باتت ممجوجة ,مستهجنة و فاترة بفعل الصيغ اللاتكاشفية لنظرية المؤامرة.
وطالما ان المؤامرة كما ذكرت قد تكون ( نظرية ) أو(مشجبا) أو( أيقونة ملهمة ومعبودة ) بل وحتى(عدوى مفجعة تقود للقيادة الكاريزماتية)لكل
ضروب التخاذل, وطالما ان السياسية لعبة تبيح كل شيء حتى المكر الجائر ,فلم لا تصدر المؤامرة من العرب ، لم لم نسمع في في حين من الأحايين أن هنالك مؤامرة كان ورائها (عصابة من العرب)؟

 

نشر في جريدة الوطن ، العدد 8420/2866 ، بتاريخ 25-07-1999
نشر في جريدة القبس ، العدد 9379 ، بتاريخ 30-09-1999