(وقت القراءة: 1 دقيقة)

 

 

من الظاهر للعيان أن الأخطبوط الإسرائيلي قد مد أذرعه المتعددة واستقر وبات ينتشر ليبني إسرائيل من الفرات إلى النيل ، ف( ثيودور هيرتزل ) مؤسس الصهيونية ترك لأحفاده المخلصين( ثلاث حبات جوز) لم تقدر أسنان مؤسسته أن تطحنها في ذلك الوقت وهي،، السلطان عبد الحميد ،الأثرياء اليهود ،

و التنظيم الديني اليهودي ،لكن المتابع لحالة المد الإسرائيلية يستنتج أن حبات الجوز التي سهدت هيرتزل قد أمست وهما منكمشا لدرجة التفتت ، فالسلطان عبد الحميد قد قضى وليطيب الله ثراه ، أما الجوزة الثانية أي الأثرياء اليهود فقد تم تسييسهم وإدماجهم في العملية سيما وأن مصالحهم المالية تشارك الأفكار الصهيونية في زحفها لتحقق الأرباح الوفيرة لكلا الطرفين ، أما ثالث جوزة فأمكن تطويعها وإدماجها فتحولت المنظمات الدينية من غصة إلى حجر أساس يشارك في تقوية الكيان العام حيث أن الأطراف كلها تنتهج سياسة إرهابية تتفاوت في كتمانها أو إشهارها بحسب الاستراتيجيات التي تصب في النهاية لصالح الأطراف جميعها، ( المؤسسة الدولة ، التنظيم الديني ، وجماعات الأثرياء ) لتنشئ الصورة المثالية لأرضهم الموعودة ، فهناك الكل يعمل لنيل الوطر فالأشكناز الغربيون يحتوون السفارديم الشرقيين رغم الحقد الطبقي بينهم مادام ذلك يقود للأرض الموعودة .

هذه هي إسرائيل تفرض علينا استعمارا مبتكرا ومدعما بقوى داخلية وخارجية تخط منحنى جامعا لعديد من الوقائع الجديدة وجاذبا لشرائح مهمة ، فحتى تركيا الحليف التاريخي للعرب نراها تتنكر لهم ويبدو أن الهلال التركي سيعانق نجمة اليهود ليضع فلسفة جديدة تزيد من هذيان العرب وردهم المؤجل على الفداحة الصهيونية المستشرية والمؤيدة من الغرب الذي ينتهج أسلوب البراغماتية النفعية ، فالحقوق المسلوبة للعرب والمسلمين بواسطة مسلك لاإنساني أمر مشروع طالما سيصب في حساب

مصلحتها ،والإرهاب الإسرائيلي لا عيب فيه بل العيب كل العيب في الدفاع المشروع عن النفس، فالرأي العام هنالك قانع ومقتنع بهذه الصورة ، (فلا صداقات في السياسة بل مصالح ) كما يقول ونستون تشرتشل ،فالمصلحة الأمريكية الإسرائيلية تجرم حماس والجهاد الإسلامي لكنها تغض الطرف عن ما فعلته ( الارغون و الهاغانا و بالما و شتيرن ) ، فمثلما كانت ألمانيا فوق الجميع فان إسرائيل الآن فوق الجميع بل فوق المنطق والموضوعية ، فنحن في زمان يصيخ الجميع فيه السمع لمقولة مناحيم بيجن ( غير اليهود يقتلون غير اليهود فما ذنب اليهود ) .

 

جريدة القبس ، العدد 9062 ، التاريخ 11-09-1998