لئلّا نحوّل الفيروس إلى كابوس!
- التفاصيل
- كتب بواسطة: حياة الياقوت
- المجموعة: مقالات دينية
- الزيارات: 2296
أحيانا، وبدافع الخوف، نمنح أشياء بطولة لا تستحقها؛ الكورونا على سبيل المثال!
هو فيروس خَطِر ولا شك، وقاتل في بعض الحالات، وحريٌّ بنا اتقاؤه ما استطعنا. لكن التمادي في خشيته يحوّله من مجرد فيروس إلى كابوس!
هذا العالم مليء بالأخطار، ومَظنّات الألم، ومزالق الخوف. هذه طبيعة الحياة الدنيا، وهذه الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها أن نتمنّى الدار الآخرة ونسعى لها سعيها.
لا شيء يمكنه أن يحرّر الإنسان من المخاوف التي تنتهبه إلا إدراكه لآليةِ حدوثِ المقادير. حينما يكتب الله أنّ فلانا سيتألم ألما قدره كذا (على افتراض أن هناك وحدة لقياس الألم)، فإنه سيتألم ما كُتب له أن يتألم. قد يتألم بالكورونا، أو بعلّة أخرى، أو بفجيعة، أو بخيبة، أو بفقد ... الخيارات جمّة. المهم أنّ نصيبه من الألم آتيه لا محالة. وقد يصادف أن ينال شخص نصيبه المقدور من الألم بالكورونا، وينال شخص آخر نصيبه بفقد عزيز مثلا. الجوهر واحد، السبب اختلف. وكما قال الشاعر:
ومن لم يمتْ بالسيف مات بغيره *** تعددت الأسباب والموت واحدُ
وموفّق مَن يعرُج من التعرّف على السبب، إلى التعرّف على المسبب؛ رب الأسباب جلّ وعلا.
ويسألونك عن السواد!
- التفاصيل
- كتب بواسطة: حياة الياقوت
- المجموعة: مقالات دينية
- الزيارات: 1576
(اضغط هنا للاستماع للمقالة صوتيا على SoundCloud)
"ما هذا السواد؟ لا تزالين صغيرة!"
سمعتُ هذه العبارة عددَ مرّات لا أودّ إحصاءها. وكنت غالبا ما أجيب إجابات لطيفة ومواربة مثل "الأسود يليق بي" (في إحالة لرواية أحلام مستغانمي "الأسود يليق بك")، أو تشتيتية مثل "الأسود ملك الألوان"، أو مرحة مثل "أسود يا سواد الليل"، أو متحذلقة مثل "أرتدي تحت العباءة قميصا ملونا وبنطال جينز". إلى أن فطنت إلى أنّ الانتقاد ليس موجها في حقيقته إلى اللون الأسود، بل موجه تحديدا لعباءتي التي صدف أنها سوداء.
اتخذوا مساجدهم ملاعب!
- التفاصيل
- كتب بواسطة: حياة الياقوت
- المجموعة: مقالات دينية
- الزيارات: 2058
هناك مَن يفهم تعويد الأطفال على المساجد خطأً. إحضار الصغار جدا إلى المسجد في رمضان لن يجعلهم يتعوّدون عليه وعلى الصلاة، بل سيجعلهم يكبرون ظانّين المسجدَ ملعبا. ومن ناحية أخرى، فأنّ إحضار الصغار إلى المسجد ثم تصميتهم ونهرهم كلما أحدثوا جلبة، تجربة سيئة ومنفرّة للأطفال، تجربة قد تجعلهم يكرهون المسجد في دخيلتهم، ويرونه مكانا للقهر والمنع والقمع.
عتبة الانزعاج بين الناس تختلف. وكونك تقدر على التركيز والخشوع في ظل صراخ صغارك أو حركتهم الدائمة، لا يعني أنّ جميع من في المسجد لديهم هذه القوة الخارقة. وكونك تستملح قفزاتهم الظريفة وأصواتهم اللطيفة، فهذا لأن "الكذا" في عين أمه غزال! وهو أمر لا ينطبق على بقية المصلّين بالضرورة.
وإذا الروح وُلدت! (2 من 2)
- التفاصيل
- كتب بواسطة: حياة الياقوت
- المجموعة: مقالات دينية
- الزيارات: 7886
عرفة
"الحج عرفة". عَرَفَة ذروة سنام الحج. هنا التصاعد، والترقّي، والتسامي.
هذا زمان العتق ومكانه. جاء في الحديث: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة"، والعتق هنا يتلاءم مع رحلة إعادة ولادة الروح، هي ستُولد روحا مُعتَقة من ماضيها، وستولد أيضا روحا قادرة أكثر من ذي قبل على الانعتاق من إغراء الذنوب. إنّها ليست روحا وليدة وحسب، بل نسخة مطوّرة تلقت التطعيمات اللازمة، تطعيمات لا تحميها من الذنوب المستقبلية بالمطلق –فهذه ليست مهمتها- لكنها تخفف من وطأتها. نعم، سيذنب الحجيج بعد الحج، لكن عتق من كُتب الله لهم العتق منهم يقضي بأن الذنوب ستكون أقليّة في أعمالهم.
عرفة، عرفات. تفاسير أصل الاسم كثيرة، منهم من قال إنّه مكان يتعارف فيه الناس أي يقيمون، فسمي عرفة. ومنهم من يقول إنّه المكان الذي التقى فيه آدم حواء بعد أن هبطا من الجنة، فعرفا بعضيهما. ومنهم من يقول إن جبريل طاف بإبراهيم وكان يريه المشاهد فيقول له: "أَعَرَفْتَ؟ أَعَرَفْتَ؟"، فيرد إبراهيم: "عَرَفْتُ، عَرَفْتُ"، فسميّ عرفة.
وإذا الروح وُلدت! (1 من 2)
- التفاصيل
- كتب بواسطة: حياة الياقوت
- المجموعة: مقالات دينية
- الزيارات: 2041
خروج وعروج
إيهِ يا ابن بطوطة! هذه الرحلة صنعتك الرحالة الذي نعرف. وماذا عنا نحن، كيف ستصنعنا هذه الرحلة؟ كيف ستغير حياتنا؟
هذه رحلة تحديد المصير، رحلة رسم المستقبل، رحلة الاكتمال، رحلة تشييد الركن الخامس. من الآن وصاعدا لا يجوز أن نعيش في ظل الهيكل القديم، هناك ركن جديد في بناء أرواحنا، ركن جديد يتكئ عليه إيماننا، يتقوّى به.
نحن الذين تقف الجغرافيا في صفنا، وتفتح المطارات أذرعتها لنا. هل وقفنا ونظرنا للحجاج الذين بجانبنا؟ تأمّلنا، تخيّلنا أولئك الذين ينتظرون القرعة؟ شعور أشقّ من انتظار نتائج الثانوية. شعور القلق، شعور الترقب. القُرعة، الصدفة، العشواء المنتظرة. لا شيء عشوائي وإن بدا ذلك، هي أقدار تتزيا بزي الصدفة. هي مكتوبات تبدو عشوائية. لا، ليس من حقنا ألّا نعيش تجربته! يجب أن نتعلم من الآن وصاعدا فن التماهي، فلنتدرب عليه من الآن!
فلنكن نحن هذا الإندونيسي السبعينيّ الذي أمضى الشباب والكهولة والمشيب يجمع ثمن الرحلة. فلنكن هذه المصرية المستوفزة كل عام تنتظر نتائج قرعة الحج. لن نذوق الحج حتى ننفق مما نحب، حتى ننفق تعاطفا، وتماهيا، وتعايشا، فهذا موسم اللقاء والتعارف والتعايش. هذا موسم لا نكون فيه أنفسنا، بل نكون الآخر أيضا. الشعب الآخر، القبيلة الأخرى، الضفة الأخرى، العِرق الآخر. هذا لئلا يكون الحج مجرد رحلة مرهقة، كرحلات زائري الكثبان، والسفاري، والشواهق.
هذه رحلة يجب أن تطوف فيها الروح كما يطوف الجسد. أن تخرج الروح من مألوفاتها، من عاداتها، من ما ترتاح إليه وفيه. هيا اخرجي يا نفس، اخرجي للجهاد، اعرجي للجهاد!
السجود في الهواء!
- التفاصيل
- كتب بواسطة: حياة الياقوت
- المجموعة: مقالات دينية
- الزيارات: 2399
كنت -رغم وافر تعاطفي- أتضجّر سرّا من المُصلِيات اللاتي يضعن كراسيهن وسط الصفوف، ويُعقن سجود مَن خلفهن، ويؤثّرن على استقامة الصف. هذا إلى أن شاء الله أن أصلي في العشر الأواخر من رمضان هذا العام على كرسيّ لإصابةٍ عارضةٍ في رِجلي. يبدو أن الإنسان مهما أبدي تعاطفا ظاهريا، سيظل تعاطفه سطحيا وغير مكتمل المعنى، إلا إذا خبرَ التجربة بنفسه.
تجربة السجود في الهواء غريبة! ذاك الشعور بالحرمان من أن تمرّغ وجهك من أجله. الآن فهمت قيمة تلك المقاعد المزودة بمسند للوجه للسجود عليه. شعور لا يحتاج إلى مقالة، بل إلى أن تجربه بنفسك، كي تحمد الله على العافية، وكي تتقفن صلاتك، قبل أن تهرم أو تتعرض لإصابة وتنضم لجيش الساجدين في الهواء.
من ناحية أخرى، الصلاة جلوسا قضية فقهية لها ناسها من أهل العلم الشرعي والاجتهاد الفقهي، لكنها أيضا قضية تحتاج إجراءات تنظيمية، تحتاج قواعد تُعمم في المساجد ويُلتزم درءًا للاختلاف والجدال من ناحية، ودرءًا لأن يضيق بعضنا على بعض من ناحية أخرى.