(وقت القراءة: 1 دقيقة)

لم يتطلب الأمر سوى أن يعلن "غوغل" أنه "يعتزم" زيادة سعة بريد Gmail التابع له - وغير المفتوح للتسجيل العام- إلى 1 غيغابايت، حتى تهب أريحية بقية مزودي البريد في خطوات استسباقية مضاعفين سعة صناديق البريد التي يقدمونها إلى أضعاف مضاعفة.

يبدو أن الليلة لا تشبه البارحة، فجميعنا نتذكر ما فعله "ياهو" في السابق حين خفض سعة بريده من 6 إلى 4 ميغابات للمشتركين الجدد بنطاق yahoo.com في حين بقيت ال 6 ميغابايت متوفرة للمشتركين في خدمات "ياهو" المحلية ك"ياهو" الفرنسي و "ياهو" المملكة المتحدة.. سبق ذلك خيبات أمل كثيرة و كبيرة سببها "ياهو" لمشتركيه منها طلبه رسوما لاستخدام بروتوكول POP الذي يسمح بنقل الرسائل من المزود إلى برامج مكتبية للبريد الإلكتروني ك"آوت لووك". اليوم "ياهو" هو أول الواصلين إلى ساحة الوغى التنافسية حيث رفع سعة بريده إلى 100 ميغابايت وأرفق معها تغييرات في تصاميمه.

"هوتميل" - أقل الخدمات مساحة ( 2 ميغابايت حتى الآن) - كان يعول طوال الفترة الماضية على شعبية برنامج المحادثة التابع لهMSN Messenger في جذب المشتركين الجدد رغم ضآلة سعة بريده. لكن يبدو انه أدرك أن هذا لن يشفع له كثيرا في غمار التنافس المحموم، فالتسريبات تحكي عن نيةٍ لزيادة تصل إلى 250 ميغابات، في حين تحكي تسريبات أخرى عن 1 تيرابايت، أي 100 ضعف ما سيمنحه ال "جي ميل". المواقع العربية لم تتخلف عن الركب، ف"مكتوب" قرر زيادة سعته بريده إلى 1000 ميغابايت مضاهيا ال "جي ميل".. الطريف أن مستخدمي ال "جي ميل" فتحوا صناديقهم لتغمرهم عبارة جديدة "تيرابايت"، فاعتقدوا أن "غوغل" قررت رفع السقف، بيد أن الأمر لم يعد عن كونه خطأُ كما أعلنت الشركة. و سواء أكان خطأ او ربما دلالة أن "غوغل" كانت تخطط لمضاعفة السقف بنسبة 100% فان ترمومتر بورصة البريد الإلكتروني لا يتحرك إلا إلى الأعلى.

السؤال يلوح هنا: هل كان على "جي ميل" أن يرمي حجرا في بركة المساحات الراكدة حتي تستعر المنافسة و يمطر الكرم إلى هذا الحد. المتابع للتطور الذي تشهده وسائط التخزين لن يستغرب الأمر; فمساحة 1 غيغابايت لم تعد خرافية بل جد معقولة، و التطور هذا حتمي، لكن لابد دوما من Entrepreneur أو مغامر اقتصادي يرصد الفرص و يقتنصها ويتبعه الآخرون مقلدين و مريدين، و لكن أحيانا فائقين. شكرا جزيلا "غوغل".

في خضم هذا الصراع المثمر، ثمة هم يبرز; فرغم أن رفع سقف التخزين يعني استعمالا أكثر للحساب، وبالتالي إعلانات أكثر، و ربحا أوفر. إلا أن تزامن رفع عدد غفير من المزودين للأسقف جاء متزامنا بصورة محمومة مما يشعر المستخدم أن الأمر هين و متوفر دوما، و يغريه دون شك لاستخدام البريد كأداة تخزينية لحفظ ملفاته، و ليس كأداة مراسلة بالدرجة الأولى فالسعات المقدمة تتخطى حاجة المستخدم العادي.

الهزيمة يتيمة، و للنجاح ألف أب. يبدو أن "غوغل" سيحظى بأبوية الإنجاز إذا أطلق بريده في الوقت المناسب قبل أن تفوت عليه الشركات الأخرى المتعاجلة سبق الريادة. إنها حرب أهلية، بيضاء و محببة، يتنافس فيها الغرماء، يزرعون ال"تيرابايتات"، و يحصد المستخدم الكثير من المساحة، و الكثير من الراحة.و إذا لم تستطع إغرائهم، ربما استطعت إغراقهم.