(وقت القراءة: 1 دقيقة)

 

 

أحيانا، وبدافع الخوف، نمنح أشياء بطولة لا تستحقها؛ الكورونا على سبيل المثال!

هو فيروس خَطِر ولا شك، وقاتل في بعض الحالات، وحريٌّ بنا اتقاؤه ما استطعنا. لكن التمادي في خشيته يحوّله من مجرد فيروس إلى كابوس!

هذا العالم مليء بالأخطار، ومَظنّات الألم، ومزالق الخوف. هذه طبيعة الحياة الدنيا، وهذه الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها أن نتمنّى الدار الآخرة ونسعى لها سعيها.

لا شيء يمكنه أن يحرّر الإنسان من المخاوف التي تنتهبه إلا إدراكه لآليةِ حدوثِ المقادير. حينما يكتب الله أنّ فلانا سيتألم ألما قدره كذا (على افتراض أن هناك وحدة لقياس الألم)، فإنه سيتألم ما كُتب له أن يتألم. قد يتألم بالكورونا، أو بعلّة أخرى، أو بفجيعة، أو بخيبة، أو بفقد ... الخيارات جمّة. المهم أنّ نصيبه من الألم آتيه لا محالة. وقد يصادف أن ينال شخص نصيبه المقدور من الألم بالكورونا، وينال شخص آخر نصيبه بفقد عزيز مثلا. الجوهر واحد، السبب اختلف. وكما قال الشاعر:

ومن لم يمتْ بالسيف مات بغيره *** تعددت الأسباب والموت واحدُ

وموفّق مَن يعرُج من التعرّف على السبب، إلى التعرّف على المسبب؛ رب الأسباب جلّ وعلا.

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

 18may2020 alrai page17

(اضغط هنا للاستماع للمقالة صوتيا على SoundCloud)

"ما هذا السواد؟ لا تزالين صغيرة!"

سمعتُ هذه العبارة عددَ مرّات لا أودّ إحصاءها. وكنت غالبا ما أجيب إجابات لطيفة ومواربة مثل "الأسود يليق بي" (في إحالة لرواية أحلام مستغانمي "الأسود يليق بك")، أو تشتيتية مثل "الأسود ملك الألوان"، أو مرحة مثل "أسود يا سواد الليل"، أو متحذلقة مثل "أرتدي تحت العباءة قميصا ملونا وبنطال جينز". إلى أن فطنت إلى أنّ الانتقاد ليس موجها في حقيقته إلى اللون الأسود، بل موجه تحديدا لعباءتي التي صدف أنها سوداء.

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

هناك مَن يفهم تعويد الأطفال على المساجد خطأً. إحضار الصغار جدا إلى المسجد في رمضان لن يجعلهم يتعوّدون عليه وعلى الصلاة، بل سيجعلهم يكبرون ظانّين المسجدَ ملعبا. ومن ناحية أخرى، فأنّ إحضار الصغار إلى المسجد ثم تصميتهم ونهرهم كلما أحدثوا جلبة، تجربة سيئة ومنفرّة للأطفال، تجربة قد تجعلهم يكرهون المسجد في دخيلتهم، ويرونه مكانا للقهر والمنع والقمع. 

عتبة الانزعاج بين الناس تختلف. وكونك تقدر على التركيز والخشوع في ظل صراخ صغارك أو حركتهم الدائمة، لا يعني أنّ جميع من في المسجد لديهم هذه القوة الخارقة. وكونك تستملح قفزاتهم الظريفة وأصواتهم اللطيفة، فهذا لأن "الكذا" في عين أمه غزال! وهو أمر لا ينطبق على بقية المصلّين بالضرورة.

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

haj arafat1

عرفة

"الحج عرفة". عَرَفَة ذروة سنام الحج. هنا التصاعد، والترقّي، والتسامي.

هذا زمان العتق ومكانه. جاء في الحديث: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة"، والعتق هنا يتلاءم مع رحلة إعادة ولادة الروح، هي ستُولد روحا مُعتَقة من ماضيها، وستولد أيضا روحا قادرة أكثر من ذي قبل على الانعتاق من إغراء الذنوب. إنّها ليست روحا وليدة وحسب، بل نسخة مطوّرة تلقت التطعيمات اللازمة، تطعيمات لا تحميها من الذنوب المستقبلية بالمطلق –فهذه ليست مهمتها- لكنها تخفف من وطأتها. نعم، سيذنب الحجيج بعد الحج، لكن عتق من كُتب الله لهم العتق منهم يقضي بأن الذنوب ستكون أقليّة في أعمالهم.

عرفة، عرفات. تفاسير أصل الاسم كثيرة، منهم من قال إنّه مكان يتعارف فيه الناس أي يقيمون، فسمي عرفة. ومنهم من يقول إنّه المكان الذي التقى فيه آدم حواء بعد أن هبطا من الجنة، فعرفا بعضيهما. ومنهم من يقول إن جبريل طاف بإبراهيم وكان يريه المشاهد فيقول له: "أَعَرَفْتَ؟ أَعَرَفْتَ؟"، فيرد إبراهيم: "عَرَفْتُ، عَرَفْتُ"، فسميّ عرفة.

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

haj aircraft

خروج وعروج

إيهِ يا ابن بطوطة! هذه الرحلة صنعتك الرحالة الذي نعرف. وماذا عنا نحن، كيف ستصنعنا هذه الرحلة؟ كيف ستغير حياتنا؟

هذه رحلة تحديد المصير، رحلة رسم المستقبل، رحلة الاكتمال، رحلة تشييد الركن الخامس. من الآن وصاعدا لا يجوز أن نعيش في ظل الهيكل القديم، هناك ركن جديد في بناء أرواحنا، ركن جديد يتكئ عليه إيماننا، يتقوّى به.

نحن الذين تقف الجغرافيا في صفنا، وتفتح المطارات أذرعتها لنا. هل وقفنا ونظرنا للحجاج الذين بجانبنا؟ تأمّلنا، تخيّلنا أولئك الذين ينتظرون القرعة؟ شعور أشقّ من انتظار نتائج الثانوية. شعور القلق، شعور الترقب. القُرعة، الصدفة، العشواء المنتظرة. لا شيء عشوائي وإن بدا ذلك، هي أقدار تتزيا بزي الصدفة. هي مكتوبات تبدو عشوائية. لا، ليس من حقنا ألّا نعيش تجربته! يجب أن نتعلم من الآن وصاعدا فن التماهي، فلنتدرب عليه من الآن!

فلنكن نحن هذا الإندونيسي السبعينيّ الذي أمضى الشباب والكهولة والمشيب يجمع ثمن الرحلة. فلنكن هذه المصرية المستوفزة كل عام تنتظر نتائج قرعة الحج. لن نذوق الحج حتى ننفق مما نحب، حتى ننفق تعاطفا، وتماهيا، وتعايشا، فهذا موسم اللقاء والتعارف والتعايش. هذا موسم لا نكون فيه أنفسنا، بل نكون الآخر أيضا. الشعب الآخر، القبيلة الأخرى، الضفة الأخرى، العِرق الآخر. هذا لئلا يكون الحج مجرد رحلة مرهقة، كرحلات زائري الكثبان، والسفاري، والشواهق.

هذه رحلة يجب أن تطوف فيها الروح كما يطوف الجسد. أن تخرج الروح من مألوفاتها، من عاداتها، من ما ترتاح إليه وفيه. هيا اخرجي يا نفس، اخرجي للجهاد، اعرجي للجهاد!

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

karasi ramadhan1

كنت -رغم وافر تعاطفي- أتضجّر سرّا من المُصلِيات اللاتي يضعن كراسيهن وسط الصفوف، ويُعقن سجود مَن خلفهن، ويؤثّرن على استقامة الصف. هذا إلى أن شاء الله أن أصلي في العشر الأواخر من رمضان هذا العام على كرسيّ لإصابةٍ عارضةٍ في رِجلي. يبدو أن الإنسان مهما أبدي تعاطفا ظاهريا، سيظل تعاطفه سطحيا وغير مكتمل المعنى، إلا إذا خبرَ التجربة بنفسه.

تجربة السجود في الهواء غريبة! ذاك الشعور بالحرمان من أن تمرّغ وجهك من أجله. الآن فهمت قيمة تلك المقاعد المزودة بمسند للوجه للسجود عليه. شعور لا يحتاج إلى مقالة، بل إلى أن تجربه بنفسك، كي تحمد الله على العافية، وكي تتقفن صلاتك، قبل أن تهرم أو تتعرض لإصابة وتنضم لجيش الساجدين في الهواء.

من ناحية أخرى، الصلاة جلوسا قضية فقهية لها ناسها من أهل العلم الشرعي والاجتهاد الفقهي، لكنها أيضا قضية تحتاج إجراءات تنظيمية، تحتاج قواعد تُعمم في المساجد ويُلتزم درءًا للاختلاف والجدال من ناحية، ودرءًا لأن يضيق بعضنا على بعض من ناحية أخرى.

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

29 سنة أمضيتها على هذه الأرض. وبعد طرح 11 سنة من الطفولة أكون قد أمضيت/ضيّعت 18 عاما ألاحق الخشوع وأحاول أن أصطاده. جربت كافة أنواع العصي والرماح والمصائد والفخاخ التقليدية والمُحْدَثة، وأعترف أني فشلت. كنت أدفن رأسي بعد الصلاة في سجادتي خوفا من عودة صلاتي في وجهي في خرقةً بالية!

 

18 عاما من الشرود، حتى أني خشيت أن يطالب شرودي بحقه في الحصول على رخصة قيادة رسمية حتى يصير تجواله في قلبي وتعكيره صفو صلاتي قانونيا! وحمدا لله أن شرودي ليس ضليعا في القانون.

 

قبل أقل من شهر، اكتشفت أن الخشوع عنود منوع، وأن له طريقة تعامل خاصة. فهو كسائر الأشياء التي حين نركض وراءها تختفي وتتمنع، وحين نتجاهلها وننشغل بما هو أهم منها وأفضل، تأتينا حبوا. لقد تعلمت الدرس متأخرا لكن ليس متأخرا جدا! لقد توقفت عن توجيه وجهي للخشوع، لقد توقفت عن محاولات التركيز الدؤوب التي كنت أرجو فيها الخشوع قبل الصلاة أن يهبط علي وألا يغادر وكأني في جلسة "يوگا"، توقفت عن تقطيب حاجبي -الذين نما بينهما  سيفان مسلولان- تسولا للتركيز. باختصار، لقد توقفت عن الصلاة من أجل الخشوع!

 

وجهت وجهي لرب الخشوع، واكتشفت أن الخشوع ثمر لا بذر؛ هو ثمر قطع صغيرة من الإتقان والإحسان تستجلب الخشوع زاحفا على ركبتيه. حين يرانا الخشوع نصلي كما رُئي النبي -صلوات ربي وسلامه عليه- يصلي، سيأتي هرولةً.

 

قبل أقل من شهر، بدأت صلاتي تصبح لذيذة. لم أكن أتخيل أني سأدفع ثمن مقاطعتي للتلفاز في رمضان غاليا! سمعت وقرأت أكثر من مرة عن ندوات وبرنامج "كيف تتلذذ بصلاتك" بجزأيه للشيخ مشاري الخراز، ولم يكتب الله لي –لسوء حظي- أن أتابع أيا منها. جائزة الله لي في هذا العيد كانت أن دلني على هذا البرنامج، ومنئذٍ تغيرت في صلاتي أمور، وأمور، وأمور.

 

الشيخ مشاري -وأنا هنا أصر على وصفه بشيخ لأني لاحظت أنه يتعمد ألاّ يضع كلمة شيخ قبل اسمه في أي من برامجه، وهذا من تواضعه الذي يؤهله فعلا للقب شيخ وإن لم يسعَ إليه. كنت أقول أن الشيخ مشاري الخراز علمنا كيف نحيا في الصلاة لا كيف نعيش وحسب، بطريقة سلسة ومقنعة وعملية جدا. فالمعلومات لم تكن تنقصني، لكن روح الاستحضار كانت حتما غائبة. وتلك اللفتات اللطيفة والذكية المستمدة من حياتنا ليومية صنعت فارقا كبيرا. فحين ذكر مرة أن المذيع حين يبدأ البث ينتفض ويرتبك رغم أنه لا يرى الجمهور، هذا لأنه يعلم يقينا أن الجمهور يراه. تخيلت في أول صلاة بعدما سمعت هذا، أن ثمة كاميرا أمامي تنقل في بث مباشر صلاتي إلى الله، فلم أتمالك نفسي، وكدت أن أسلم بعد التكبير بثوان. ألهذا الحد نحتاج نحن البشر إلى أمثلة مادية حتى نستوعب؟ صدق الشافعي حين قال "كلما أدبي الدهر أراني ضعف عقلي".

وحين ضرب لنا مثلا باختلاف طريقة كلامنا عندما يرد علينا شخص مباشرة، وحين نسجل أصواتنا على آلة الرد الآلي، اكتشفت أني ولسنوات كنت كببغاء يحسب أنه يحسن صنعا.

 

صلاتي اليوم صارت لذيذة، فوقها رشات من السكر، وحبة كرز. وهذه دعوة لذوي الحظ السيئ مثلي، ممن لم يتابعوا البرنامج من قبل أن يفعلوا ذلك عاجلا.

وللشيخ مشاري دعاء وفير بظهر الغيب، وفي العلن.

 

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

 

يغفل البعض أن كثيرا من النواهي الشرعية لم تأتِ بحد ذاتها، إنما هي مثال على مقصد أعم وحكمة أكبر، وأنه علينا كمسلمين أن نفكر فيها ونتفكر لنصل إلى المقصد والحكمة والعلة وإلا تحولنا إلى آلات فقدت بوصلتها، فصارت تطبق كل شيء حَرفيا. ونكون بهذا أغفلنا عبادة وفريضة محورية ألا وهي التفكّر.

من أهم الأمور التي يمكن من خلالها أن نفهم مقاصد الشريعة هي أحكام اللباس والشكل في الإسلام، وهي أكثر ما يستفتي فيه الناس، ومن أسباب كثرة الاستفتاء فيها هو ورود قضايا معاصرة لا يعلمون كيف يقيسونها، وهنا يجب أن يبحث أهل العلم عن المقصد العام لينزلوه على الحالات الزمانية والمكانية المتغيرة.  وبالمثال يتضح المقال.

 

(وقت القراءة: 1 دقيقة)

 صدقوا أو لا تصدقوا. حياتنا لعبة! نعم، مجرد لعبة فيديو ثلاثية الأبعاد!
نحن في دنيا الصور، كل الجمال و الفتنة والروعة التي تلّفك إن هي إلا صور وُجدت لتُبتلى بها. صور مجسّمة ثلاثية الأبعاد، لكنها في النهاية مجرد خيالات زائلة فانية جاءت هنا لتمتحنك. "ثم لتسألنّ يومئذ عن النعيم".


عصا التحكم Joy Stick في هذه اللعبة في يدك أنت! لا أحد يتحكم بك أو يملي عليك خطواتك، بل أنت سيد نفسك. صحيح أنك توضع في أماكن وأوضاع ومراحل قد ترى أنك مجبر عليها، لكن أما تلاحظ أن لك مطلق الحرية في التجول والتحرك والقفز والضرب والطعن والتحليق! ثم تأتي وتتحجج بأنك مسيّر لا مخيّر؟ أعد التفكير رجاء.

(وقت القراءة: 1 دقيقة)
فلسطين ليست مجرد قضية عاطفة وهتافات، فلسطين قضية معتقد وكرامة وعمل:
فيها الأقصى الذي بارك الله حوله وفيها كان مسرى الحبيب عليه صلوات ربي وسلامه. فهي حق لا يُفرط فيه، فلا يفرط بحقه إلا مهيض الكرامة. هي أيضا قضية عمل، فالقدس تحتاج منا إلى الكثير، القدس لا تعود إلا حين نغير ما بأنفسنا ونعمل صالحا يرضاه الله.
(وقت القراءة: 1 دقيقة)
Imageما الذي حدث يا ترى؟ هل صار السويسريون فجأة مسلمين أتقياء بين ليلة وضحاها فأسست مؤسسة UBS السويسرية في عام 2002 مصرفا يسير وفق قوانين الشريعة الإسلامية وأسمته "نوريبا" Noriba  والذي يمكن قراءة اسمه على أنه "لا ربا" وجعلت مملكة البحرين التي لا يزيد عدد سكانها عن 700 ألف شخص مقرا له؟ علما بأنّ ال UBS  قررت في عام 2006 أن تدمج المصرف ضمن هيكلها الرئيسي بعد النجاح الكبير له. أو لعل المسلمين تكاثروا فجأة وازداد عددهم بطريقة سحرية فصارت المصارف غير الربوية المنتشرة في الدول الإسلامية لا تفي باحتياجاتهم، فقرر أبناء سويسرا بمناسبة تخليهم عن سياسة الحياد وانضمامهم إلى الأمم المتحدة قبل سنوات أن يتدخلوا ويحلوا مشكلة المسلمين، ولهم من الله الأجر والثواب؟